هذا ملخص الجزء الثاني من كتاب the bible unearthed وفيه يقوم الباحثان بتحليل واحده من اهم واخطر مراحل تاريخ بني اسرائيل الا هو قصه خروج بني اسرائيل من مصر وذهابهم الى كنعان بعد ان يكونوا قد تحرروا من اسيادهم المصريين على يد البطل القومي لبني اسرائيل موسى ،وقصه عبورهم الاسطوريه الى سيناء والتيه الذي عاشه بني اسرائيل لمده اربعين عاما في صحراء سيناء عقابا وفاقا لما اقترفته ايديهم من ترك لعباده الرب يهوه والعوده الى عباده العجل . والسؤال الكبير الذي لابد من طرحه بدايه هل ان هذا السرد القصصي وهذه الاحداث تاريخ فعلي قد حصل ؟وهل يستطيع علم الاثار مساعدتنا في تحيد مسارات هذا التاريخ ان صح ذلك؟ وهل هناك فعلا شخص اسمه موسى ارسله يهوه لينقذ شعبه المختار ؟
لقد مر اكثر من مائتي عام على بدأ الحفريات الاثاريه والدراسات التفصيليه لتاريخ مصر وقدمت لنا اثار مصر الغنيه بالمعلومات الموثقه لوحه تفصيليه عن حياه الملوك وسيرهم وسلالاتهم ،واخبار غزواتهم ومعاركهم . بل ان ماقدمته لنا دراسه تاريخ مصر من تفاصيل غنيه لخلفيه الحياه اليوميه في مصر يفوق بكثير ماتم نقله لنا من خلفيه حياه اباء بني اسرائيل في التوراه
اسرائيل في مصر
ان قصه الخروج تصف لنا حدثين مفصليين من تاريخ بني اسرائيل وهاذان الحدثين من الاهميه بمكان بحيث انهما يحددان مابعدهما من مراحل تاريخ بني اسرائيل .ففي المقام الاول قصه ابناء يعقوب الاثنى عشر وعوائلهم وحياتهم في المنفى في مصر والذين تحولوا الى امه كبيره كما تدعي التوراه .وفي المقام الثاني قصه تحول هذه الامه وتحررها واتباعها لقوانين دعيت بالمقدسه او الالهيه مما ميزها عن باقي الامم .
لذا فان رساله التوراه تسلط الضوء على القوه الكامنه في وحده بني اسرائيل عندما يبدأ هذا الشعب بسلك طريق الحريه
ليتحول الى شعب ومملكه من اغنى ممالك الارض هكذا تهيأنا التوراه لتقبل مصير بني اسرائيل المستقبلي المتميز . وقد اعد المسرح لهذا الظهور الدراماتيكي القوي عندما اسدل الستار في الفصل الاخير من سفر التكوين على الحياه الامنه لبني اسرائيل في ظل وحمايه اخاهم يوسف الذي كان قد اصبح من قاده مصر المتميزين .
فبعد موت اباهم يعقوب تم دفنه في هيبرون الخليل مع ابائه واجداده ابراهيم واسحاق وساره ، وعاش بني اسرائيل المتحدرين من الاسباط الاثنى عشر لمده اربعمائه وثلاثون عاما في مصر وخلال هذه الفتره تحول بنو اسرائيل الى امه عظيمه كما وعدهم يهوه ،وقد عرفهم المصريون القدماء بالعبرانين .ولكن حظوظهم تغيرت عندما اعتلى عرش مصر فرعون جديد ظن الظنون ببني اسرائيل واتهمهم بالتامر ضد مصر وقرر ابعادهم الى مراكز اعتقال ومخيمات عمل بالسخره حيث اجبروا على العمل ببناء المدن الملكيه مثل بيتهوم pithom ورمسيس raamses ولكنهم ورغم هذا الاضطهاد استمروا بالتكاثر -- خروج 1:12 -- وخوفا من ازدياد عددهم الى مالانهايه قرر الفرعون اغراق جميع اطفال بني اسرائيل ولكن طفلا من بيت ليفي وضع في سله وانتشلته احدى بنات الفرعون وربي في البلاط الفرعوني وسمي موسى والاسم مشتق من الجذر العبري ويعني المنتشل من الماء ،وبعد سنوات حيث نما موسى وترعرع الى رجل قوي وناضج قتل احد مراقبي عمل السخره حيث شاهد العذاب الذي كان يسلطه هذا المراقب على احد اليهود ، وخوفا مما اقترفت يداه هرب موسى الى ارض مدين في الصحراء وهناك واثناء تجواله مع قطعانه في البريه كلمه يهوه قرب جبل الرب --هوريب -- من خلال نار مشتعله في اعشاب لم تنطفأ رغم ان الاعشاب كانت قد استهلكت وامره ان يعود الى مصر ويطلب من الفرعون اطلاق سراح بني اسرائيل - خروج 7:16 -، ورغم كل مافعله موسى ورغم كل الاشارات والعلامات من ضفادع وذباب وطاعون لم يقبل الفرعون اطلاق بني اسرائيل ولكن بعد ان وجه يهوه ضربته القاضيه بقتل كل مولود بكر من الناس والماشيه بما فيهم ابن الفرعون نفسه رضخ الفرعون ووافق على ان يغادر بني اسرائيل مصر مع ماشيتهم واملاكهم ، وهكذا تحرك هذا الجمع من بني اسرائيل والذي بلغ عدده 600 الف من الرجال عداهم من النساء والاطفال متجهين الى سيناء ،ولكن الفرعون ندم على قراره هذا وامر بتجهيز ستمائه عريه مسلحه لمطاردتهم ولكن بني اسرائيل نجحوا بعبور البحر الاحمر الذي انشق سامحا لهم بالعبور مبتلعا جيش فرعون --خروج 15:1-18 -- . وتوجه الاسرائيليون بقياده موسى الى جبل الرب حيث كان اول لقاء بين مويى ويهوه وصعد موسى الى قمه الجبل لتلقي واستلام الوصايا العشر ،وعند عودته وجد موسى ان قومه قد عادوا عباده العجل لذا وفي لحظه غضب حطم موسى اول مجموعه من الالواح والتي كتب عليها العهد المقدس ،ولكن يهوه وجه رسالته الى بني اسرائيل من خلال موسى وانزل عليهم مجموعه من التشريعات حفظت كلها في مايدعى صندوق العهد المقدس -- ark of the covenant -- والذي ظل فيما بعد مصاحبا لبني اسرائيل في كل معاركهم وغزواتهم وطوال فتره تجوالهم في صحراء سيناء ,
بعد ان اقاموا معسكرهم في باران ارسل موسى الجواسيس لجمع المعلومات عن الكنعانين --أعداد13-- ولكن الجواسيس عادوا بمعلومات مخيفه عن اعداد الكنعانين وحصانه مدنهم واسوارهم العاليه وهنا جبن الاسرايليون وطلبوا من موسى اعادتهم الى مصر حيث يكونوا في مامن من هؤلاء الاعداء المرعبين ، عندما شاهد يهوه ذلك قرر معاقبه هذا الجيل من بني اسرائيل وتركهم في التيه لمده اربعين عاما حيث اضطروا الى التجوال في طريق طويل قادهم من قادش الى عربه ،خلال اراضي ادوم ومؤاب الى الشرق من الحر الميت ويسدل الستار في سفر الخروج على بني اسرائيل وهم في ارض مؤاب شرق الاردن على مرمى حجر من ارض الميعاد وهنا يكمل لهم موسى الذي اصبح طاعنا في السن --120 عاما -- ،قوانين الرب والي ستدرج في سفر التثنيه او القانون الثاني والذي يوضح التشريعات الواجب اتباعها من قبل بني اسرائيل للحفاظ على على علاقتهم مع يهوه وال1ي تعهد لهم بانقاذهم من كل الاخطار ان هم اتبعوا تعليماته وابلغهم لانه يجب ان يعبد في مكان واحد سيمون من اختياره هو --تثنيه 2:26 -- وبعد ان بعين موسى يوشع بن نون ليقود بني اسرائيل في مغامرتهم التاليه يصعد موسى الى قمه جبل نيبو حيث يموت هناك .
الحياة في مصر
شيء واحد اكيد فيما يذكره سفر الخروج الا هو الوصف الخاص بحركه الهجره بين كنعان ومصر من خلال احدود الشرقيه وفي منطقه شرق الدلتا وهذا الوضع تم تأكيده وبشكل عام في الحفريات الاثاريه ومن خلال الوثائق الفرعونيه التي وصلتنا من تلك المراحل التاريخيه ومنذ بدأ مراحل التسجيل والتوثيق الاولى ، ومن الواضح ان مصر القديمه كانت تمثل ملجا امن للكنعانيين عندما تداهمهم موجات الجفاف والقحط وويلات الحروب ،هذه العلاقه التاريخيه بنيت على اساس الاختلاف البيئي والمناخي بين مصر وكنعان ،هاذين البلد ين المفصولين بصحراء سيناء . فالمناخ في كنعان كنعان هو مناخ البحر الابيض المتوسط وهو جاف صيفا وممطر في موسم الشتاء فقط وكميات المطر غالبا ما تكون محدوده وتختلف من عام لاخر ،وحيث ان الزراعه في كنعان تعتمد بشكل شبه كلي على كميات الامطار الهاطله حيث يسود القحط عندما تكون كميه الامطار محدوده وهذا يفسر حدوث الهجره الى مكان اكثر ملائمه للعيش .وهذا المكان هو مصر التي لاتعتمد اساسا على المطر بل على توفر مياه السقي والزراعه من النيل .ومن الطبيعي ان تكون قد مرت ايضا سنوات عجاف وسنوات وفيره الانتاج حتى على مصر ولكنه لم يكن مجاعه حقيقيه لان النيل حتى ولو كان بمنسوب منخفض يكون غالبا كافيا للسقي والشرب وفي كل الاحوال فان مصر الفرعونيه كانت دوله قويه ومنظمه ومن الواضح انها كانت تستعد بشكل جيد وذلك بخزن كميات كافيه من الغلال كمخزون استراتيجي يكفي لاطعام الشعب .ان دلتا نهر النيل في القدم كانت تمثل مكانا جيدا للزراعه اكثر عما تبدو عليه نفس المنطقه في يومنا هذا وهذا ناتج عن تراكم الترسبات الغرينيه والتغييرات الجيولوجيه والنيل ينقسم حاليا الى فرعين الى الشمال قليلا من القاهره ، ولكن الخرائط الجغرافيه القديمه التي وصلتنا وخصوصا من المرحله الرومانيه - البزنطيه تبين لنا ان النيل كان يتفرع الى اكثر من سبعه فروع مما خلق مساحه جيده من الاراضي المرويه بشكل جيد .ومتد الفرع الذي كان يجري في اقصى شمال الدلتا الى منطقه البحيرات المالحه في شمال غربي سيناء وامتدت منه قنوات من صنع الانسان حامله الماء الصالح للزراعه والشرب الى اغلب هذه المنطقه مما كان قد جعل المنطقه التي هي الان جزأ من مستنقعات قناه السويس ، منطقه خضراء مزدهره وكثيفه السكان . وهذا الفرع والقنوات التي صنعها البشر قد تم التعرف عليها في السنوات الاخيره خلال الدراسات الجيولوجيه والطوبوغرافيه في منطقه الدلتا والصحراء الى الشرق .لذا فان هناك من الاسباب مايدعو الى تعزيز الاعتقاد بانه وخلال فترات القحط والجفاف في كنعان قام رعاه القطعان والمزارعين الى هذه المنطقه في شرق الدلتا للاستقرار هناك والاستفاده من الاراضي الخصبه الصالحه للزراعه وقد زودتنا الحفريات الاثاريه بصوره اكثر دقه عن حياه الساميين الذين قدموا خلال فتره العصر البرونزي من جنوب كنعان للاستقرار في هذه المنطقه شرق الدلتا .عمل قسم من هؤلاء المهاجرين كعمال اجره لانهم لم يكونوا قد امتلكوا اي اراض للزراعه وقدم قسم من هؤلاء الماجرين للتجاره لان فرص التجاره والربح اوفر منها في مصر عنها في كنعان .
وقد وفرت لنا الحفريات في المقبره الفرعونيه في منطقه بني حسن في وسط مصر بجدارياته التي تعود للقرن التاسع عشر B.C.E والتي تصور مجموعات من تجار منطقه شرق الاردن مع حيواناتهم وبضائعهم دليلا على وجود مثل هذه الهجرات . وقد يكون ان قسما من الكنعانيين قد تم جلبهم كأسرى حرب تم اسرهم اثناء الحملات التأديبيه التي كانت تشنها الجيوش الفرعونيه لتأديب بعض دويلات المدن في كنعان .
هذا النموذج الديموغرافي على طول شرق الدلتا لمجموعات مهاجده ذات اصول اسيويه لم تكن محصوره فقط في العصر البرونزي ولكنها استمرت بتتابع في مراحل زمنيه مختلفه وحتى عصور متأخره من العصر الحديدي والذي هو اقرب الى الزمن الذي كتب فيه سفر الخروج .
صعود وسقوط الهكسوس
ان اهم المصادر والتي تكلمت عن نجاحات سجلها المها جرين من كنعان هو ماكتبه المؤرخ المصري MANETHO مانيتو في حوالي القرن الثالث ٌ B.C.E والذي سجل نجا حات متميزه لمهاجرين ولكن من وجهه نظر وطنيه مصريه كانت هذه النجاحات تعتبر كارثه وطنيه ، بانيا تسجيله للتاريخ معتمدا على ماسماه كتب مقدسه وقصص شعبيه واساطير سجل مانيتو الغزو الوحشي من قبل احانب قادمين من الشرق وسماهم الهكسوس هذا الاسم الغامض الذي ترجم من الاغريقيه القديمه ويمكن ان يترجم الملوك الرعاه ولكنه في الحقيه يعني الحكام الاجانب .ويذكر مانيتو ان الهكسوس اسسو لانفسهم في شرق الدلتا مدينه سميت أفاريس . وكونوا لنفسهم سلاله حكمت مصر بالحديد والنار لمده تقارب الخمسمائه عام .
في بدايات البحث الاثاري تصور الباحثون ان فتره حكم الهكسوس عاصرت فتره حكام السلاله الخامسه عشر والتي حكمت مابين 1670-1570 B.C.E، حيث قبل الباحثون الاوائل حرفيا ماجاء بكتابات مانيتو لذا فقد بحثوا عن ادله على حدوث غزو من قبل اقوام ذو اصول اجنبيه قامت بغزو واحتلال مصر . الا أن الدراسات الاثاريه الحديثه اثبتت ان الاختام والكتابات والتي تحمل اسماء ملوك الهكسوس ،هذه الاسماء كانت ذات اصول غرب ساميه وبكلمه اخرى كنعانيه . وأثبتت الحفريات الاثاريه الاخيره في منطقه شرق الدلتا صحه هذا الاستنتاج وبينت ان مازعم عن غزو من قبل الكسوس لم تكن الا عمليه استيطان وهجره تدريجيه ولم تكن عمليه غزو عسكريه صاعقه .
كان من اهم عمليات التنقيب تلك التي اجراها مانفريد باتيك من جامعه فينا في موقع يدعى تل الدبه شرق دلتا نهر النيل تم التعرف عليه على انه مدينه افاريس عاصمه الهكسوس ، وأثبتت الحفريات هناك وجود تأثير تدريجي ومتزايد للكنعانين في هذه المنطقه وذلك بعد تحديد طراز الفخاريات ،ونظم العماره والمقابر وحددت الفتره بحوالي 1800 B.C.E .في الوقت الذي كانت تحكم به السلاله الخامسه عشر في مصر كانت الثقافه الغالبه على هذه المدينه كنعانيا خالصا . ان اللقى التي وجدت في تل الدبه كانت اثباتا على تطور تدريجي وبطيء للتواجد الكنعاني واستلام سلمي للسلطه .
ان ماكتبه وسجله مانيتو بعد 1500 عام من هذه الاحداث واصفا غزوا صاعق وسيطره دمويه بدلا من عمليه استيطان تدريجيه ، يمكن فهمه على ضوء خلفيه الاحداث التي كانت جاريه في ايامه ،حيث بقيت ذكرى و مراره غزو مصر من قبل الاشوريين والبابليون والفرس في القرن السابع والسادس عالقه بألم في ضمير المصريين .
هناك تشا به ولو بحدود بسيطه وبخطوط عامه بين ملحمه غزو الهكسوس والسرد التوراتي وحيث تربط قصص التوراه بين مادعته بخروج اليهود من مصر قد يكون اسقاطا لما قام به احد الفراعنه الابطال من وضع حد لتواجد الهكسوس في مصر حيث يصف مانيتو ماقام به هذا الفرعون الذي طارد الهكسوس الى حدود سوريا بعد ان قتل المئات منهم ويذكر مانيتو ان الهكسوس او بقاياهم قاموا ببناء معبد لهم في منطقه سالم اي اورشليم الحاليه.
ومن المصادر الاكثر مصداقيه مصدر مصري من القرن السادس عشر والذي يذكر فيه كيف ان الفرعون احموس من السلاله الثامنه قام بغزو افاريس عاصمه الهكسوس وطاردهم الى جنوب كنعان قرب غزه والتي تم استباحتها وتدميرها بعد حصار طويل . وفي الحقيه فاننا قد شاهدنا من حفريات تل الدبه ان هذه المدينه قد هجرت في حوالي القرن السادس عشر .
وبشكل مفاجيء مما يؤشر الى حدوث انحسار في التاثير الكنعاني هناك .ولكن يجب هنا الاجابه على سؤالين الا وهما من هم هؤلاء المهاجري الساميين ؟ وهل تتطابق تواريخ اقامتهم في مصر مع السرد التوراتي ؟
تناقض في التواريخ والملوك
تم طرد الهكسوس حوالي العام 1570 B.C.E وذلك استنادا الى المصادر المصريه التي وصلتنا وكذلك ماتم اثباته من ادله الحفريات الاثاريه .بنما يخبرنا السرد التوراتي ان مايدعى هيكل سليمان قد بدأ العمل في بناؤه في العام الرابع من حكم سليمان اي بعد اكثر من 480 عاما من الخروج .وبمقارنه اسماء ملوك اسرائيل مع قوائم ملوك اسرائيل وفقا للمصادر الاشوريه والفرعونيه يكون عام 1440 B.C.E هو عام الخروج المفترض وهذا اكثر من مائه عام بعد تاريخ طرد الهكسوس والذي حدث في عام 1570 B.C.E وهذا انحراف واضح وتناقض بين السرد التوراتي والاحداث التي جرت على الارض فعلا . ولكن هناك من التعقيدات ان لم نقل من المتناقضات اكثر من ذلك ، فالتوراه تتكلم وبدقه واسهاب عن اعمال السخره في مشاريع الفراعنه والتي من المفترض ان يكون قد تعرض لها بني اسرائيل ومن اهم هذه الاعمال بناء مدينه رمسيس خروج 1:11 ولكن ان يكون مثل هذا الاسم اي رمسيس واردا في القرن الخامس عشر B.C.E فهذا بعيد الاحتمال حيث ان اول فرعون وسمي رمسيس كان قد اعتلى العرش في عام 1320 اي بعد اكثر من 100 عام مما ورد في القصص التوراتيه .
ونتيجه لهذا التناقض حاول الكثير من الباحثين استبعاد القيمه الحرفيه للتواريخ الوارده في التوراه ولكن ذكر التوراه لرمسيس تفصيل لايمكن التجاوز عنه لذا فقد اعتبر اغلب الباحثين ان الخروج من مصر يجب ان يكون قد حدث في القرن الثالث عشر B.C.E ، ويرد في المصادر المصريه ذكر لبناء مدينه تدعى اي بيت رمسيس ph-ramesses من قبل الفرعون رمسيس الثاني والذي نعلم انه قد حكم مابين 1279-1213 B.C.E ، وان من العمال من قد يكون من اصول ساميه .
ولكن الاهم من ذلك ان اسم اسرائيل لم يكمن قد ورد ذكره الا في عهد الفرعون ميرنبتاح وهو ابن رمسيس الثاني وذلك في مسله يصف بها الفرعون ميرنبتاح حمله قام بها لتأديب بعض الاقوام المتمرده في كنعان ومن هؤلاء قوم يدعون اسرائيل وكان هذا في القرن الثالث عشر B.C.E ويذكر الفرعون كيف انه قد محا كل اثر يذكر لبني اسرائيل ، ان ماجاء في هذه المسله يعتبر اول ذكر لبني اسرائيل من مصدر خارج التوراه .وهذا يعني ان الخروج من مصر اذا كان قد حصل فلابد ان يكون قد حصل في عصر الفرعون ميربنتاح .
وهذا يدفعنا الى طرح بعض التساؤلات الهامه فمن هم هؤلاء الساميين في مصر ؟ وهل يمكن اعتبار هذه الاقوام اسرائيليه ؟علما ان اي ذكر لبني اسرائيل لم يكن قد ورد في وثائق المرحله التي تخص الكسوس ، كما لم يرد اي ذكر لاسرائيل في ايه مصادر مصريه ولا في الارشيف الذي تم الكشف عنه في حفريات تل العمارنه حيث تم اكتشاف اكثر من 400 رساله تصف الحياه الاجتماعيه ، اليساسيه والاقتصاديه والبشريه في كنعان خلال تلك الفتره وبذا نستطيع ان نقول ان بني اسرائيل لم يكونوا سوى مجموعه بشريه صغيره ظهرت من خلال التطور التدريجي والانقسامات للمجموعات البشريه في كنعان حوالي نهايه القرن الثالث عشر B.C.E.
هل كان الخروج ممكنا في زمن رمسيس الثاني
مما تقدم ان حل مشكله خروج بني اسرائيل ليس بالسهل خصوصا اذا اخذنا بنظر الاعتبار عدم تطابق تواريخ واسماء الملوك ، ان طرد الهكسوس من مصر والذي حدث عام 1570 B.C.E في الوقت الذي بدا به المصريون بالرفض لحدوث المزيد من الاختراقات والاعتداءت على بلدهم من قبل الغزاه الاجانب وكان للتجربه اليمه والمريره لفتره غزو الهكسوس لمصر انعكاساتها على الارض والتي يمكن ان نجدها في المواقع الاثريه ، فبعد طرد الهكسوس من مصر قام المصريون بتشديد سيطرتهم على تدفق المهاجرين من كنعان الى دلتا نهر النيل ،وقام المصريون ببناء منظومه من القلاع المحصنه على احدود الشرقيه وجهزت هذه القلاع بكافه التجهيزات العسكريه وتحميها كتائب من الجيش وفي احد صحائف البردي والتي تم العثور عليها والتي تعود الى اواخر القرن الثالث عشر B.C.E يصف احد قاده هذه القلاع كيف كان يتم التدقيق في كل من يريد الدخول الى مصر او الخروج منها وتصف هذه الوثيقه عمليه دخول احدى القبائل البدويه ومكان الدخول وعدد القطعان التي سمح لها بالدخول . وتذكر هذه الوثيقه اسمين لموقعين قد يكونا قد ذكرا في السرد التوراتي وهاذين الموقعين هما succoth والذي ذكر في سفر الخروج 12:37 واعداد 33:5 وقد يكون مرادفا لاسم الموقع بالمصريه القديمه Tjkw والذي يظهر في سجلات السلاله التاسعه عشر من ملوك مصر وهي سلاله رمسيس الثاني والموقع الثاني هو pithom خروج 1:11 وقد يكون المرادف العبري للاسم المصري pr-itm ويعني بيت الاله اتوم يظهر هذا الاسم وللمره الاولى في زمن المملكه الجديده في مصر وفي الحقيه فأن اسمين لموقعين اخرين قد تم ايضا ذكرهما في السرد التوراتي وهما pi-ramesses وهي المدينه التي بنيت في زمن رمسيس الثاني والمدينه الاخرى هي migdol والتي ورد ذكرها في خروج 14:2 وهي اسم لموقع قلعه على الحدود الشرقيه في شمال سيناء .
مما تقدم ذكره نرى ان الحدود الشرقيه لمصر كانت محميه بشكل دقيق ومسيطر عليه لذا فأنه من الصعب ان نتوقع ان يكون قد سمح لهذه الاعداد الهائله من اليهود والذي قد بلغ عددهم ستمائه الف شخص بالخروج من مصر رغما عن اراده الفرعون وحتى لو فرضنا ان يكون قد سمح لهم بالعبور فلابد من وجود اشاره ما الى مثل هذا الحدث الضخم ، ولننا لم نجد ايه اشاره من قريب او من بعيد الى واقعه عبور اي اسرائيلي من احد هذه المعابر المحصنه ، علما اننا وجدنا ان قاده هذه الحصون قد قاموا بتسجيل حركه اقوام اقل اهميه او عددا من البدويين او الادوميين . كما ان مسله ميربنتاح والتي اشرنا لها يابقا تذكر اسرائيل كمجموعه بشريه تسكن كنعان اصلا ،ولكننا لم نجد ايه اشاره ولو بكلمه واحده عن اي وجود لاسرائيل في مصر قبل ذلك لا في الكتابات الجداريه على ابنيه المعابد او الهياكل الضخمه التي تركها لنا المصريون القدماء ولا في قبر او حتى في الواح البردي . وبكل بساطه فأن اسرائيل كانت غائبه تماما لا كحليف يرتجى ولاكعدو يحسب له حساب ولا حتى كأمه مستعبده .ولم نجد ايه اثار في مصر نستطيع ان ننسبها لاقوام ذوي اثنيات غير مصريه كما تزعم التوراه بأن بني اسرائيل كانوا قد شكلوا امه كبيره وتواجد متميز في مصر .
وفوق ذلك كله فأن اي هروب من مصر حتى لمجموعه محدوده من الشر سبه مستحيله في زمن حكم رمسيس الثاني ففي هذه الفتره كانت مصر هي القوه الاعظم في العالم القديم وكانت تسيطر بيد من حديد على كل مجريات الحياه الاقتصاديه والسياسيه في كنعان وقد عثر الاثاريون على الكثير من القلاع والمحميات التي كانت تدار من قبل مصر مباشره في كنعان . وفي مراسلات تل العمارنه والتي يعود تأريخها الى 100 عام قبل هذه الفتره ان قوه قوامها 50 جنديا مصريا كانت كافيه لقمع تمرد في كنعان . وفي فتره المملكه الجديده وجدنا ان الجيش المصري كان قد وصل الى غرب الفرات في سوريا .لذا فان الطريق الرئيسي والذي كان ممرا للقبائل والمسافرين والتجاره من مصر الى كنعان وبالعكس مارا بمدينه غزه كان الطريق الاكثر حراسه وذلك لاهميته بالنسبه الى مصر الفرعونيه وتعزز ذلك بأكتشاف الاثاريين لهذه الشبكه المعقده من القلاع والحصون ومخازن الغلال وسمي هذا الطريق بطريق حورس .
لذا فان فكره محاوله قطع هذا الطريق من قبل هذا الكم الهائل من --وفقا للتوراه -- العبيد الاسرائيين وصولا الى كنعان بوجود هذا من التحصينات العسكريه الفرعونيه يبدو انه ضرب من الخيال العلمي . لذا فان الطريق الوحيد والذي كان يمكن للاسرائيليون سلوكه هو جنوب سيناء ولكننا سنرى ان امكانيه تواجد مثل هذه الاعداد الكبيره في هذه الصحراء ضرب من المستحيل ايضا ولاتدعمه ايه ادله اريكولوجيه .
أشباح متجولون
وفقا للتوراه فأن بني اسرائيل بعد عبورهم الاسطوري اقاموا فتره تقارب الاربعين عاما في منطقه جبل سيناء ، واذا تذكرنا ان عدد بني اسرائيل والذين خرجوا من مصر يقارب الستمائه الف فأن النص التوراتي لا بفسر لنا كيف استطاعت هذه المجموعه البشريه الهائله العيش ولمده اربعين عاما في هذه الصحراء بظروف حياتيه اقل مايقال عنها صعبه بل وصعبه جدا ، ان هذه المجموعه البشريه لم تتمكن من تحمل تحديات الصحراء بل وانها استطاعت فيما بعد دخول كنعان وطرد الكنعانيون واحتلال كنعان بقوه السلاح .
ان مجموعه بشريه بهذا الحجم لابد وان تكون قد تركت اثرا ما حيث كانت تعيش ولكن الاثاريون لم يعثروا على ايه مخيمات او مناطق تكون قد سكنت من قبل هذه الاعداد البشريه لافي زمن دمسيس الثاني ولا في زمن الفراعنه الذين حكموا قبله او بعده ولم يكن ذلك بسبب عدم توفر البعثات الاثاريه او عدم وجود الرغبه او ان الجهود التي بذلت كانت قاصره حيث ان العثات الاثاريه المتلاحقه وكافه الجهود المضنيه التي بذلت في سبيل العثور ولو على اثر لاي تجمعات بشريه في منطقه خليج سيناء ودير سانت كاترينا قد فشلت بالعثور على اي ادله وحتى ولو خيط واحد او هيكل لبيت او مقبره .
وقد يزعم البعض انه لايمكن العثور على ايه اثار او بقايا اذا كان ذلك يخص مجموعه بشريه متواضعه العدد ولكن تطور اجهزه المسح الحديثه والتي تستطيع تحديد اثار ايه مجموعات بشريه مهما كانت صغيره الحجم او العدد في اي مكان في العالم لايترك لنا مجالا للاجتهاد وفي الواقع فأن نفس هذه الاجهزه قد استطاعت ان تسجل لنا جميع الفعاليات الاثاريه في منطقه شبه جزيره سيناء والتي كانت تخص فعاليات كانت قد حدثت في الفتره البزنطينيه او اليونانيه .
والواقع وبكل يساطه اننا لم نجد اي دليل على حدوث مازعمت التوراه انه قد حدث من خروج للمصريين او استيطان لاي مجموعه بشريه بمثل هذا الحجم في اي مرحله من مراحل تاريخ هذه المنطقه .
مما تقدم نستطيع ان نجزم وبكل تأكيد ان مايدعى بخروج بني اسرائيل من مصر لم يحدث لا وفقا لما ذكرته التوراه ولا في الازمان التي ذكرت في التوراه .حيث اننا لم نجد كما بينا سلبقا اي اثار تؤيد حدوث هذه الاحداث . ان بعضا من المواقع التي ورد ذكرها في التوراه قد سكنت في مراحل وازمان مختلفه ولكن لسوء حظ اولئك الذين يبحثون عن تأييد لقصه خروج بني اسرائيل من مصر فأن ايا من هذه المواقع وبالذات لم يكن مأهولا في الوقت الذي افترض حصول الخروج فيه .
ان السرد الغامض والباهت لقصه الخروج في التوراه قد وصلت مرحله من الغموض والعموميه الى درجه ان اسم الفرعون الذي كان من المفترض ان يكون قد عاصر الخروج لم يرد في السرد التوراتي .
ان جميع ماتقدم يقودنا الى استنتاج واحد فقط وهي ان قصه الخروج وظهور يهوه الرب الى موسى على جبل سيناء وأعطاؤه الشرائع الخاصه ببني اسرائيل هي اساطير قد حيكت وبمهاره في القرن السابع B.C.E في زمن الملك يوشع __يشوع__ كان الهدف منها سياسي بالدرجه الاولى وذلك لتوحيد بني اسرائيل للاستفاده من فرصه سقوط الامبراطوريه الاشوريه للتوسع في مناطق اخرى من كنعان تم ربطها بتاريخ بني اسرائيل من خلال افتعال صلات قرابه مفترضه الى اباء مشتركين مثل ابراهيم واسحاق وغيرهم مما كان سيحقق الحلم بتوحيد مملكتي يهودا وبقايا مملكه اسرائيل والعمل على جعلها دوله قويه مزدهره تحت شعار اله واحد ملك واحد وطن واحد .ولكن هذا ماكان ليكون الا بمواجهه مع مصر الفرعونيه بقوتها الهائله وبذا نستطيع ان نرى ان من المواجهه المفترضه مع موسى والفرعون ماهي الاتعبير عن واقع الصراع الحاصل بين مملكه يهودا ومصلر الفرعونيه في ذلك الزمان وماهي الا عمليه اعلاميه محضه تهدف الى تحفيز واثاره حماس بني اسرائيل وتهيأتهم لمواجهه محتمله مع العملاق الفرعوني .
انها اسطوره كأي اسطوره استخدمتها شعوب العالم المختلفه في مراحل مختلفه من تاريخها
لقد مر اكثر من مائتي عام على بدأ الحفريات الاثاريه والدراسات التفصيليه لتاريخ مصر وقدمت لنا اثار مصر الغنيه بالمعلومات الموثقه لوحه تفصيليه عن حياه الملوك وسيرهم وسلالاتهم ،واخبار غزواتهم ومعاركهم . بل ان ماقدمته لنا دراسه تاريخ مصر من تفاصيل غنيه لخلفيه الحياه اليوميه في مصر يفوق بكثير ماتم نقله لنا من خلفيه حياه اباء بني اسرائيل في التوراه
اسرائيل في مصر
ان قصه الخروج تصف لنا حدثين مفصليين من تاريخ بني اسرائيل وهاذان الحدثين من الاهميه بمكان بحيث انهما يحددان مابعدهما من مراحل تاريخ بني اسرائيل .ففي المقام الاول قصه ابناء يعقوب الاثنى عشر وعوائلهم وحياتهم في المنفى في مصر والذين تحولوا الى امه كبيره كما تدعي التوراه .وفي المقام الثاني قصه تحول هذه الامه وتحررها واتباعها لقوانين دعيت بالمقدسه او الالهيه مما ميزها عن باقي الامم .
لذا فان رساله التوراه تسلط الضوء على القوه الكامنه في وحده بني اسرائيل عندما يبدأ هذا الشعب بسلك طريق الحريه
ليتحول الى شعب ومملكه من اغنى ممالك الارض هكذا تهيأنا التوراه لتقبل مصير بني اسرائيل المستقبلي المتميز . وقد اعد المسرح لهذا الظهور الدراماتيكي القوي عندما اسدل الستار في الفصل الاخير من سفر التكوين على الحياه الامنه لبني اسرائيل في ظل وحمايه اخاهم يوسف الذي كان قد اصبح من قاده مصر المتميزين .
فبعد موت اباهم يعقوب تم دفنه في هيبرون الخليل مع ابائه واجداده ابراهيم واسحاق وساره ، وعاش بني اسرائيل المتحدرين من الاسباط الاثنى عشر لمده اربعمائه وثلاثون عاما في مصر وخلال هذه الفتره تحول بنو اسرائيل الى امه عظيمه كما وعدهم يهوه ،وقد عرفهم المصريون القدماء بالعبرانين .ولكن حظوظهم تغيرت عندما اعتلى عرش مصر فرعون جديد ظن الظنون ببني اسرائيل واتهمهم بالتامر ضد مصر وقرر ابعادهم الى مراكز اعتقال ومخيمات عمل بالسخره حيث اجبروا على العمل ببناء المدن الملكيه مثل بيتهوم pithom ورمسيس raamses ولكنهم ورغم هذا الاضطهاد استمروا بالتكاثر -- خروج 1:12 -- وخوفا من ازدياد عددهم الى مالانهايه قرر الفرعون اغراق جميع اطفال بني اسرائيل ولكن طفلا من بيت ليفي وضع في سله وانتشلته احدى بنات الفرعون وربي في البلاط الفرعوني وسمي موسى والاسم مشتق من الجذر العبري ويعني المنتشل من الماء ،وبعد سنوات حيث نما موسى وترعرع الى رجل قوي وناضج قتل احد مراقبي عمل السخره حيث شاهد العذاب الذي كان يسلطه هذا المراقب على احد اليهود ، وخوفا مما اقترفت يداه هرب موسى الى ارض مدين في الصحراء وهناك واثناء تجواله مع قطعانه في البريه كلمه يهوه قرب جبل الرب --هوريب -- من خلال نار مشتعله في اعشاب لم تنطفأ رغم ان الاعشاب كانت قد استهلكت وامره ان يعود الى مصر ويطلب من الفرعون اطلاق سراح بني اسرائيل - خروج 7:16 -، ورغم كل مافعله موسى ورغم كل الاشارات والعلامات من ضفادع وذباب وطاعون لم يقبل الفرعون اطلاق بني اسرائيل ولكن بعد ان وجه يهوه ضربته القاضيه بقتل كل مولود بكر من الناس والماشيه بما فيهم ابن الفرعون نفسه رضخ الفرعون ووافق على ان يغادر بني اسرائيل مصر مع ماشيتهم واملاكهم ، وهكذا تحرك هذا الجمع من بني اسرائيل والذي بلغ عدده 600 الف من الرجال عداهم من النساء والاطفال متجهين الى سيناء ،ولكن الفرعون ندم على قراره هذا وامر بتجهيز ستمائه عريه مسلحه لمطاردتهم ولكن بني اسرائيل نجحوا بعبور البحر الاحمر الذي انشق سامحا لهم بالعبور مبتلعا جيش فرعون --خروج 15:1-18 -- . وتوجه الاسرائيليون بقياده موسى الى جبل الرب حيث كان اول لقاء بين مويى ويهوه وصعد موسى الى قمه الجبل لتلقي واستلام الوصايا العشر ،وعند عودته وجد موسى ان قومه قد عادوا عباده العجل لذا وفي لحظه غضب حطم موسى اول مجموعه من الالواح والتي كتب عليها العهد المقدس ،ولكن يهوه وجه رسالته الى بني اسرائيل من خلال موسى وانزل عليهم مجموعه من التشريعات حفظت كلها في مايدعى صندوق العهد المقدس -- ark of the covenant -- والذي ظل فيما بعد مصاحبا لبني اسرائيل في كل معاركهم وغزواتهم وطوال فتره تجوالهم في صحراء سيناء ,
بعد ان اقاموا معسكرهم في باران ارسل موسى الجواسيس لجمع المعلومات عن الكنعانين --أعداد13-- ولكن الجواسيس عادوا بمعلومات مخيفه عن اعداد الكنعانين وحصانه مدنهم واسوارهم العاليه وهنا جبن الاسرايليون وطلبوا من موسى اعادتهم الى مصر حيث يكونوا في مامن من هؤلاء الاعداء المرعبين ، عندما شاهد يهوه ذلك قرر معاقبه هذا الجيل من بني اسرائيل وتركهم في التيه لمده اربعين عاما حيث اضطروا الى التجوال في طريق طويل قادهم من قادش الى عربه ،خلال اراضي ادوم ومؤاب الى الشرق من الحر الميت ويسدل الستار في سفر الخروج على بني اسرائيل وهم في ارض مؤاب شرق الاردن على مرمى حجر من ارض الميعاد وهنا يكمل لهم موسى الذي اصبح طاعنا في السن --120 عاما -- ،قوانين الرب والي ستدرج في سفر التثنيه او القانون الثاني والذي يوضح التشريعات الواجب اتباعها من قبل بني اسرائيل للحفاظ على على علاقتهم مع يهوه وال1ي تعهد لهم بانقاذهم من كل الاخطار ان هم اتبعوا تعليماته وابلغهم لانه يجب ان يعبد في مكان واحد سيمون من اختياره هو --تثنيه 2:26 -- وبعد ان بعين موسى يوشع بن نون ليقود بني اسرائيل في مغامرتهم التاليه يصعد موسى الى قمه جبل نيبو حيث يموت هناك .
الحياة في مصر
شيء واحد اكيد فيما يذكره سفر الخروج الا هو الوصف الخاص بحركه الهجره بين كنعان ومصر من خلال احدود الشرقيه وفي منطقه شرق الدلتا وهذا الوضع تم تأكيده وبشكل عام في الحفريات الاثاريه ومن خلال الوثائق الفرعونيه التي وصلتنا من تلك المراحل التاريخيه ومنذ بدأ مراحل التسجيل والتوثيق الاولى ، ومن الواضح ان مصر القديمه كانت تمثل ملجا امن للكنعانيين عندما تداهمهم موجات الجفاف والقحط وويلات الحروب ،هذه العلاقه التاريخيه بنيت على اساس الاختلاف البيئي والمناخي بين مصر وكنعان ،هاذين البلد ين المفصولين بصحراء سيناء . فالمناخ في كنعان كنعان هو مناخ البحر الابيض المتوسط وهو جاف صيفا وممطر في موسم الشتاء فقط وكميات المطر غالبا ما تكون محدوده وتختلف من عام لاخر ،وحيث ان الزراعه في كنعان تعتمد بشكل شبه كلي على كميات الامطار الهاطله حيث يسود القحط عندما تكون كميه الامطار محدوده وهذا يفسر حدوث الهجره الى مكان اكثر ملائمه للعيش .وهذا المكان هو مصر التي لاتعتمد اساسا على المطر بل على توفر مياه السقي والزراعه من النيل .ومن الطبيعي ان تكون قد مرت ايضا سنوات عجاف وسنوات وفيره الانتاج حتى على مصر ولكنه لم يكن مجاعه حقيقيه لان النيل حتى ولو كان بمنسوب منخفض يكون غالبا كافيا للسقي والشرب وفي كل الاحوال فان مصر الفرعونيه كانت دوله قويه ومنظمه ومن الواضح انها كانت تستعد بشكل جيد وذلك بخزن كميات كافيه من الغلال كمخزون استراتيجي يكفي لاطعام الشعب .ان دلتا نهر النيل في القدم كانت تمثل مكانا جيدا للزراعه اكثر عما تبدو عليه نفس المنطقه في يومنا هذا وهذا ناتج عن تراكم الترسبات الغرينيه والتغييرات الجيولوجيه والنيل ينقسم حاليا الى فرعين الى الشمال قليلا من القاهره ، ولكن الخرائط الجغرافيه القديمه التي وصلتنا وخصوصا من المرحله الرومانيه - البزنطيه تبين لنا ان النيل كان يتفرع الى اكثر من سبعه فروع مما خلق مساحه جيده من الاراضي المرويه بشكل جيد .ومتد الفرع الذي كان يجري في اقصى شمال الدلتا الى منطقه البحيرات المالحه في شمال غربي سيناء وامتدت منه قنوات من صنع الانسان حامله الماء الصالح للزراعه والشرب الى اغلب هذه المنطقه مما كان قد جعل المنطقه التي هي الان جزأ من مستنقعات قناه السويس ، منطقه خضراء مزدهره وكثيفه السكان . وهذا الفرع والقنوات التي صنعها البشر قد تم التعرف عليها في السنوات الاخيره خلال الدراسات الجيولوجيه والطوبوغرافيه في منطقه الدلتا والصحراء الى الشرق .لذا فان هناك من الاسباب مايدعو الى تعزيز الاعتقاد بانه وخلال فترات القحط والجفاف في كنعان قام رعاه القطعان والمزارعين الى هذه المنطقه في شرق الدلتا للاستقرار هناك والاستفاده من الاراضي الخصبه الصالحه للزراعه وقد زودتنا الحفريات الاثاريه بصوره اكثر دقه عن حياه الساميين الذين قدموا خلال فتره العصر البرونزي من جنوب كنعان للاستقرار في هذه المنطقه شرق الدلتا .عمل قسم من هؤلاء المهاجرين كعمال اجره لانهم لم يكونوا قد امتلكوا اي اراض للزراعه وقدم قسم من هؤلاء الماجرين للتجاره لان فرص التجاره والربح اوفر منها في مصر عنها في كنعان .
وقد وفرت لنا الحفريات في المقبره الفرعونيه في منطقه بني حسن في وسط مصر بجدارياته التي تعود للقرن التاسع عشر B.C.E والتي تصور مجموعات من تجار منطقه شرق الاردن مع حيواناتهم وبضائعهم دليلا على وجود مثل هذه الهجرات . وقد يكون ان قسما من الكنعانيين قد تم جلبهم كأسرى حرب تم اسرهم اثناء الحملات التأديبيه التي كانت تشنها الجيوش الفرعونيه لتأديب بعض دويلات المدن في كنعان .
هذا النموذج الديموغرافي على طول شرق الدلتا لمجموعات مهاجده ذات اصول اسيويه لم تكن محصوره فقط في العصر البرونزي ولكنها استمرت بتتابع في مراحل زمنيه مختلفه وحتى عصور متأخره من العصر الحديدي والذي هو اقرب الى الزمن الذي كتب فيه سفر الخروج .
صعود وسقوط الهكسوس
ان اهم المصادر والتي تكلمت عن نجاحات سجلها المها جرين من كنعان هو ماكتبه المؤرخ المصري MANETHO مانيتو في حوالي القرن الثالث ٌ B.C.E والذي سجل نجا حات متميزه لمهاجرين ولكن من وجهه نظر وطنيه مصريه كانت هذه النجاحات تعتبر كارثه وطنيه ، بانيا تسجيله للتاريخ معتمدا على ماسماه كتب مقدسه وقصص شعبيه واساطير سجل مانيتو الغزو الوحشي من قبل احانب قادمين من الشرق وسماهم الهكسوس هذا الاسم الغامض الذي ترجم من الاغريقيه القديمه ويمكن ان يترجم الملوك الرعاه ولكنه في الحقيه يعني الحكام الاجانب .ويذكر مانيتو ان الهكسوس اسسو لانفسهم في شرق الدلتا مدينه سميت أفاريس . وكونوا لنفسهم سلاله حكمت مصر بالحديد والنار لمده تقارب الخمسمائه عام .
في بدايات البحث الاثاري تصور الباحثون ان فتره حكم الهكسوس عاصرت فتره حكام السلاله الخامسه عشر والتي حكمت مابين 1670-1570 B.C.E، حيث قبل الباحثون الاوائل حرفيا ماجاء بكتابات مانيتو لذا فقد بحثوا عن ادله على حدوث غزو من قبل اقوام ذو اصول اجنبيه قامت بغزو واحتلال مصر . الا أن الدراسات الاثاريه الحديثه اثبتت ان الاختام والكتابات والتي تحمل اسماء ملوك الهكسوس ،هذه الاسماء كانت ذات اصول غرب ساميه وبكلمه اخرى كنعانيه . وأثبتت الحفريات الاثاريه الاخيره في منطقه شرق الدلتا صحه هذا الاستنتاج وبينت ان مازعم عن غزو من قبل الكسوس لم تكن الا عمليه استيطان وهجره تدريجيه ولم تكن عمليه غزو عسكريه صاعقه .
كان من اهم عمليات التنقيب تلك التي اجراها مانفريد باتيك من جامعه فينا في موقع يدعى تل الدبه شرق دلتا نهر النيل تم التعرف عليه على انه مدينه افاريس عاصمه الهكسوس ، وأثبتت الحفريات هناك وجود تأثير تدريجي ومتزايد للكنعانين في هذه المنطقه وذلك بعد تحديد طراز الفخاريات ،ونظم العماره والمقابر وحددت الفتره بحوالي 1800 B.C.E .في الوقت الذي كانت تحكم به السلاله الخامسه عشر في مصر كانت الثقافه الغالبه على هذه المدينه كنعانيا خالصا . ان اللقى التي وجدت في تل الدبه كانت اثباتا على تطور تدريجي وبطيء للتواجد الكنعاني واستلام سلمي للسلطه .
ان ماكتبه وسجله مانيتو بعد 1500 عام من هذه الاحداث واصفا غزوا صاعق وسيطره دمويه بدلا من عمليه استيطان تدريجيه ، يمكن فهمه على ضوء خلفيه الاحداث التي كانت جاريه في ايامه ،حيث بقيت ذكرى و مراره غزو مصر من قبل الاشوريين والبابليون والفرس في القرن السابع والسادس عالقه بألم في ضمير المصريين .
هناك تشا به ولو بحدود بسيطه وبخطوط عامه بين ملحمه غزو الهكسوس والسرد التوراتي وحيث تربط قصص التوراه بين مادعته بخروج اليهود من مصر قد يكون اسقاطا لما قام به احد الفراعنه الابطال من وضع حد لتواجد الهكسوس في مصر حيث يصف مانيتو ماقام به هذا الفرعون الذي طارد الهكسوس الى حدود سوريا بعد ان قتل المئات منهم ويذكر مانيتو ان الهكسوس او بقاياهم قاموا ببناء معبد لهم في منطقه سالم اي اورشليم الحاليه.
ومن المصادر الاكثر مصداقيه مصدر مصري من القرن السادس عشر والذي يذكر فيه كيف ان الفرعون احموس من السلاله الثامنه قام بغزو افاريس عاصمه الهكسوس وطاردهم الى جنوب كنعان قرب غزه والتي تم استباحتها وتدميرها بعد حصار طويل . وفي الحقيه فاننا قد شاهدنا من حفريات تل الدبه ان هذه المدينه قد هجرت في حوالي القرن السادس عشر .
وبشكل مفاجيء مما يؤشر الى حدوث انحسار في التاثير الكنعاني هناك .ولكن يجب هنا الاجابه على سؤالين الا وهما من هم هؤلاء المهاجري الساميين ؟ وهل تتطابق تواريخ اقامتهم في مصر مع السرد التوراتي ؟
تناقض في التواريخ والملوك
تم طرد الهكسوس حوالي العام 1570 B.C.E وذلك استنادا الى المصادر المصريه التي وصلتنا وكذلك ماتم اثباته من ادله الحفريات الاثاريه .بنما يخبرنا السرد التوراتي ان مايدعى هيكل سليمان قد بدأ العمل في بناؤه في العام الرابع من حكم سليمان اي بعد اكثر من 480 عاما من الخروج .وبمقارنه اسماء ملوك اسرائيل مع قوائم ملوك اسرائيل وفقا للمصادر الاشوريه والفرعونيه يكون عام 1440 B.C.E هو عام الخروج المفترض وهذا اكثر من مائه عام بعد تاريخ طرد الهكسوس والذي حدث في عام 1570 B.C.E وهذا انحراف واضح وتناقض بين السرد التوراتي والاحداث التي جرت على الارض فعلا . ولكن هناك من التعقيدات ان لم نقل من المتناقضات اكثر من ذلك ، فالتوراه تتكلم وبدقه واسهاب عن اعمال السخره في مشاريع الفراعنه والتي من المفترض ان يكون قد تعرض لها بني اسرائيل ومن اهم هذه الاعمال بناء مدينه رمسيس خروج 1:11 ولكن ان يكون مثل هذا الاسم اي رمسيس واردا في القرن الخامس عشر B.C.E فهذا بعيد الاحتمال حيث ان اول فرعون وسمي رمسيس كان قد اعتلى العرش في عام 1320 اي بعد اكثر من 100 عام مما ورد في القصص التوراتيه .
ونتيجه لهذا التناقض حاول الكثير من الباحثين استبعاد القيمه الحرفيه للتواريخ الوارده في التوراه ولكن ذكر التوراه لرمسيس تفصيل لايمكن التجاوز عنه لذا فقد اعتبر اغلب الباحثين ان الخروج من مصر يجب ان يكون قد حدث في القرن الثالث عشر B.C.E ، ويرد في المصادر المصريه ذكر لبناء مدينه تدعى اي بيت رمسيس ph-ramesses من قبل الفرعون رمسيس الثاني والذي نعلم انه قد حكم مابين 1279-1213 B.C.E ، وان من العمال من قد يكون من اصول ساميه .
ولكن الاهم من ذلك ان اسم اسرائيل لم يكمن قد ورد ذكره الا في عهد الفرعون ميرنبتاح وهو ابن رمسيس الثاني وذلك في مسله يصف بها الفرعون ميرنبتاح حمله قام بها لتأديب بعض الاقوام المتمرده في كنعان ومن هؤلاء قوم يدعون اسرائيل وكان هذا في القرن الثالث عشر B.C.E ويذكر الفرعون كيف انه قد محا كل اثر يذكر لبني اسرائيل ، ان ماجاء في هذه المسله يعتبر اول ذكر لبني اسرائيل من مصدر خارج التوراه .وهذا يعني ان الخروج من مصر اذا كان قد حصل فلابد ان يكون قد حصل في عصر الفرعون ميربنتاح .
وهذا يدفعنا الى طرح بعض التساؤلات الهامه فمن هم هؤلاء الساميين في مصر ؟ وهل يمكن اعتبار هذه الاقوام اسرائيليه ؟علما ان اي ذكر لبني اسرائيل لم يكن قد ورد في وثائق المرحله التي تخص الكسوس ، كما لم يرد اي ذكر لاسرائيل في ايه مصادر مصريه ولا في الارشيف الذي تم الكشف عنه في حفريات تل العمارنه حيث تم اكتشاف اكثر من 400 رساله تصف الحياه الاجتماعيه ، اليساسيه والاقتصاديه والبشريه في كنعان خلال تلك الفتره وبذا نستطيع ان نقول ان بني اسرائيل لم يكونوا سوى مجموعه بشريه صغيره ظهرت من خلال التطور التدريجي والانقسامات للمجموعات البشريه في كنعان حوالي نهايه القرن الثالث عشر B.C.E.
هل كان الخروج ممكنا في زمن رمسيس الثاني
مما تقدم ان حل مشكله خروج بني اسرائيل ليس بالسهل خصوصا اذا اخذنا بنظر الاعتبار عدم تطابق تواريخ واسماء الملوك ، ان طرد الهكسوس من مصر والذي حدث عام 1570 B.C.E في الوقت الذي بدا به المصريون بالرفض لحدوث المزيد من الاختراقات والاعتداءت على بلدهم من قبل الغزاه الاجانب وكان للتجربه اليمه والمريره لفتره غزو الهكسوس لمصر انعكاساتها على الارض والتي يمكن ان نجدها في المواقع الاثريه ، فبعد طرد الهكسوس من مصر قام المصريون بتشديد سيطرتهم على تدفق المهاجرين من كنعان الى دلتا نهر النيل ،وقام المصريون ببناء منظومه من القلاع المحصنه على احدود الشرقيه وجهزت هذه القلاع بكافه التجهيزات العسكريه وتحميها كتائب من الجيش وفي احد صحائف البردي والتي تم العثور عليها والتي تعود الى اواخر القرن الثالث عشر B.C.E يصف احد قاده هذه القلاع كيف كان يتم التدقيق في كل من يريد الدخول الى مصر او الخروج منها وتصف هذه الوثيقه عمليه دخول احدى القبائل البدويه ومكان الدخول وعدد القطعان التي سمح لها بالدخول . وتذكر هذه الوثيقه اسمين لموقعين قد يكونا قد ذكرا في السرد التوراتي وهاذين الموقعين هما succoth والذي ذكر في سفر الخروج 12:37 واعداد 33:5 وقد يكون مرادفا لاسم الموقع بالمصريه القديمه Tjkw والذي يظهر في سجلات السلاله التاسعه عشر من ملوك مصر وهي سلاله رمسيس الثاني والموقع الثاني هو pithom خروج 1:11 وقد يكون المرادف العبري للاسم المصري pr-itm ويعني بيت الاله اتوم يظهر هذا الاسم وللمره الاولى في زمن المملكه الجديده في مصر وفي الحقيه فأن اسمين لموقعين اخرين قد تم ايضا ذكرهما في السرد التوراتي وهما pi-ramesses وهي المدينه التي بنيت في زمن رمسيس الثاني والمدينه الاخرى هي migdol والتي ورد ذكرها في خروج 14:2 وهي اسم لموقع قلعه على الحدود الشرقيه في شمال سيناء .
مما تقدم ذكره نرى ان الحدود الشرقيه لمصر كانت محميه بشكل دقيق ومسيطر عليه لذا فأنه من الصعب ان نتوقع ان يكون قد سمح لهذه الاعداد الهائله من اليهود والذي قد بلغ عددهم ستمائه الف شخص بالخروج من مصر رغما عن اراده الفرعون وحتى لو فرضنا ان يكون قد سمح لهم بالعبور فلابد من وجود اشاره ما الى مثل هذا الحدث الضخم ، ولننا لم نجد ايه اشاره من قريب او من بعيد الى واقعه عبور اي اسرائيلي من احد هذه المعابر المحصنه ، علما اننا وجدنا ان قاده هذه الحصون قد قاموا بتسجيل حركه اقوام اقل اهميه او عددا من البدويين او الادوميين . كما ان مسله ميربنتاح والتي اشرنا لها يابقا تذكر اسرائيل كمجموعه بشريه تسكن كنعان اصلا ،ولكننا لم نجد ايه اشاره ولو بكلمه واحده عن اي وجود لاسرائيل في مصر قبل ذلك لا في الكتابات الجداريه على ابنيه المعابد او الهياكل الضخمه التي تركها لنا المصريون القدماء ولا في قبر او حتى في الواح البردي . وبكل بساطه فأن اسرائيل كانت غائبه تماما لا كحليف يرتجى ولاكعدو يحسب له حساب ولا حتى كأمه مستعبده .ولم نجد ايه اثار في مصر نستطيع ان ننسبها لاقوام ذوي اثنيات غير مصريه كما تزعم التوراه بأن بني اسرائيل كانوا قد شكلوا امه كبيره وتواجد متميز في مصر .
وفوق ذلك كله فأن اي هروب من مصر حتى لمجموعه محدوده من الشر سبه مستحيله في زمن حكم رمسيس الثاني ففي هذه الفتره كانت مصر هي القوه الاعظم في العالم القديم وكانت تسيطر بيد من حديد على كل مجريات الحياه الاقتصاديه والسياسيه في كنعان وقد عثر الاثاريون على الكثير من القلاع والمحميات التي كانت تدار من قبل مصر مباشره في كنعان . وفي مراسلات تل العمارنه والتي يعود تأريخها الى 100 عام قبل هذه الفتره ان قوه قوامها 50 جنديا مصريا كانت كافيه لقمع تمرد في كنعان . وفي فتره المملكه الجديده وجدنا ان الجيش المصري كان قد وصل الى غرب الفرات في سوريا .لذا فان الطريق الرئيسي والذي كان ممرا للقبائل والمسافرين والتجاره من مصر الى كنعان وبالعكس مارا بمدينه غزه كان الطريق الاكثر حراسه وذلك لاهميته بالنسبه الى مصر الفرعونيه وتعزز ذلك بأكتشاف الاثاريين لهذه الشبكه المعقده من القلاع والحصون ومخازن الغلال وسمي هذا الطريق بطريق حورس .
لذا فان فكره محاوله قطع هذا الطريق من قبل هذا الكم الهائل من --وفقا للتوراه -- العبيد الاسرائيين وصولا الى كنعان بوجود هذا من التحصينات العسكريه الفرعونيه يبدو انه ضرب من الخيال العلمي . لذا فان الطريق الوحيد والذي كان يمكن للاسرائيليون سلوكه هو جنوب سيناء ولكننا سنرى ان امكانيه تواجد مثل هذه الاعداد الكبيره في هذه الصحراء ضرب من المستحيل ايضا ولاتدعمه ايه ادله اريكولوجيه .
أشباح متجولون
وفقا للتوراه فأن بني اسرائيل بعد عبورهم الاسطوري اقاموا فتره تقارب الاربعين عاما في منطقه جبل سيناء ، واذا تذكرنا ان عدد بني اسرائيل والذين خرجوا من مصر يقارب الستمائه الف فأن النص التوراتي لا بفسر لنا كيف استطاعت هذه المجموعه البشريه الهائله العيش ولمده اربعين عاما في هذه الصحراء بظروف حياتيه اقل مايقال عنها صعبه بل وصعبه جدا ، ان هذه المجموعه البشريه لم تتمكن من تحمل تحديات الصحراء بل وانها استطاعت فيما بعد دخول كنعان وطرد الكنعانيون واحتلال كنعان بقوه السلاح .
ان مجموعه بشريه بهذا الحجم لابد وان تكون قد تركت اثرا ما حيث كانت تعيش ولكن الاثاريون لم يعثروا على ايه مخيمات او مناطق تكون قد سكنت من قبل هذه الاعداد البشريه لافي زمن دمسيس الثاني ولا في زمن الفراعنه الذين حكموا قبله او بعده ولم يكن ذلك بسبب عدم توفر البعثات الاثاريه او عدم وجود الرغبه او ان الجهود التي بذلت كانت قاصره حيث ان العثات الاثاريه المتلاحقه وكافه الجهود المضنيه التي بذلت في سبيل العثور ولو على اثر لاي تجمعات بشريه في منطقه خليج سيناء ودير سانت كاترينا قد فشلت بالعثور على اي ادله وحتى ولو خيط واحد او هيكل لبيت او مقبره .
وقد يزعم البعض انه لايمكن العثور على ايه اثار او بقايا اذا كان ذلك يخص مجموعه بشريه متواضعه العدد ولكن تطور اجهزه المسح الحديثه والتي تستطيع تحديد اثار ايه مجموعات بشريه مهما كانت صغيره الحجم او العدد في اي مكان في العالم لايترك لنا مجالا للاجتهاد وفي الواقع فأن نفس هذه الاجهزه قد استطاعت ان تسجل لنا جميع الفعاليات الاثاريه في منطقه شبه جزيره سيناء والتي كانت تخص فعاليات كانت قد حدثت في الفتره البزنطينيه او اليونانيه .
والواقع وبكل يساطه اننا لم نجد اي دليل على حدوث مازعمت التوراه انه قد حدث من خروج للمصريين او استيطان لاي مجموعه بشريه بمثل هذا الحجم في اي مرحله من مراحل تاريخ هذه المنطقه .
مما تقدم نستطيع ان نجزم وبكل تأكيد ان مايدعى بخروج بني اسرائيل من مصر لم يحدث لا وفقا لما ذكرته التوراه ولا في الازمان التي ذكرت في التوراه .حيث اننا لم نجد كما بينا سلبقا اي اثار تؤيد حدوث هذه الاحداث . ان بعضا من المواقع التي ورد ذكرها في التوراه قد سكنت في مراحل وازمان مختلفه ولكن لسوء حظ اولئك الذين يبحثون عن تأييد لقصه خروج بني اسرائيل من مصر فأن ايا من هذه المواقع وبالذات لم يكن مأهولا في الوقت الذي افترض حصول الخروج فيه .
ان السرد الغامض والباهت لقصه الخروج في التوراه قد وصلت مرحله من الغموض والعموميه الى درجه ان اسم الفرعون الذي كان من المفترض ان يكون قد عاصر الخروج لم يرد في السرد التوراتي .
ان جميع ماتقدم يقودنا الى استنتاج واحد فقط وهي ان قصه الخروج وظهور يهوه الرب الى موسى على جبل سيناء وأعطاؤه الشرائع الخاصه ببني اسرائيل هي اساطير قد حيكت وبمهاره في القرن السابع B.C.E في زمن الملك يوشع __يشوع__ كان الهدف منها سياسي بالدرجه الاولى وذلك لتوحيد بني اسرائيل للاستفاده من فرصه سقوط الامبراطوريه الاشوريه للتوسع في مناطق اخرى من كنعان تم ربطها بتاريخ بني اسرائيل من خلال افتعال صلات قرابه مفترضه الى اباء مشتركين مثل ابراهيم واسحاق وغيرهم مما كان سيحقق الحلم بتوحيد مملكتي يهودا وبقايا مملكه اسرائيل والعمل على جعلها دوله قويه مزدهره تحت شعار اله واحد ملك واحد وطن واحد .ولكن هذا ماكان ليكون الا بمواجهه مع مصر الفرعونيه بقوتها الهائله وبذا نستطيع ان نرى ان من المواجهه المفترضه مع موسى والفرعون ماهي الاتعبير عن واقع الصراع الحاصل بين مملكه يهودا ومصلر الفرعونيه في ذلك الزمان وماهي الا عمليه اعلاميه محضه تهدف الى تحفيز واثاره حماس بني اسرائيل وتهيأتهم لمواجهه محتمله مع العملاق الفرعوني .
انها اسطوره كأي اسطوره استخدمتها شعوب العالم المختلفه في مراحل مختلفه من تاريخها
الكاتب: Waked
المصدر في منتدى الملحدين العرب