السبت، 2 يونيو 2007

الاسباب الاسطورية لكراهية الاديان للخنزير وتحريم اكله واعتباره نجسا

حظى الخنزير بكراهية شديدة عند الاديان الشرقية ( اليهودية والاسلام ) حيث حرمت أكله واعتبرته من الحيوانات النجسة , واذا سألنا ما الاسباب فى هذا الموقف المعادى للخنزير , فلا نجد اجابة منطقية او عقلية

ففى التوراة نقرأ عن الحيوانات التى حرم يهوه اكلها على اليهود ومن بينها الخنزير :

" الخنزير لانه يشق ظلفا و يقسمه ظلفين لكنه لا يجتر فهو نجس لكم من لحمها لا تاكلوا و جثثها لا تلمسوا انها نجسة لكم "
لاويين 11 : 7 –8

" الخنزير لانه يشق الظلف لكنه لا يجتر فهو نجس لكم فمن لحمها لا تاكلوا و جثثها لا تلمسوا " تثنية 14 : 8

وبعد مئات السنين اتخذ الاسلام نفس الموقف اليهودى , فحرم القرآن اكل الخنزير متأثرا بتحريم التوراة له :

" إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" البقرة (173)

" إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " النحل (115)

" قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " الانعام (145)

" حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ " المائدة 3

وجاء فى قاموس الكتاب المقدس تحت مادة : خنزير :

" كان الخنزير من الحيوانات النجسة (لاويين 11: 7 وتث 14: 8) وذلك لأنه قذر وهو لا يجتز طعامه، ويولد لحمه بعض الأمراض إذا لم ينضج عند طبخه. وكان محرماً على العرب تربيته، وقد حرم القرآن أكله، كما حرمته التوراة. وقد حسبه الفينيقيون والاثيوبيون والمصريون نجساً مع أنهم في مصر كانوا يقدمون خنزيراً ذبيحة في العيد السنوي لاله القمر ولاوزبريس (باخوس) . ومع ذلك فإنه كان يتحتم على من يلمس خنزيراً ولو عرضاً أن يغتسل. ولم يكن يُسمح لراعي الخنزير أن يدخل الهيكل، ولم يكن يتزوج إلا من بنات الرعاة مثله، لأن أحداً لا يرضى أن يزوج ابنته من راعي الخنازير (راجع هيرودتس 2: 47) أما عند اليهود فكان لحم الخنزير محرماً بقذارته (امثال 11: 22 ومتى 7: 9 و 2 بط 2: 22) وكان رعي الخنازير من احط المهن وادناها، لا يقربها إلا الفقراء المعدمون (لو 15: 15) على أن اليهود المستبيحين (اش 65: : 4 و 66: 17) . وفي عصر انتيخوس ابيفانيس كانوا يأمرون اليهود بأكل لحم الخنزير للتأكد من عدم بقائهم على دينهم القديم، أو الولاء لدين غزاتهم وحكامهم (1 مكابيين 1: 47 و 50 و 2 مكابيين 6: 18 و 21 و 7: 1) وفي عصر المسيح كان بعضهم يرعون قطعاناً من الخنازير (مر 5: 11 - 13) في مستعمرة اغلب سكانها من اليونان. وما كانوا يربونها ليأكلوا لحومها، بل ليبيعوها إلى اليونان أو للجيوش الرومانية. "

وجاء بدائرة المعارف الكتابية تحت مادة خنزير :

" لا تربي الخنازير المستأنسة في فلسطين إلا نادراً، إلا أن الخنازير البرية معروفة تماماً لسكان الأدغال في المناطق المحيط بوادي الأردن والبحر الميت وبعض الجبال .

ويذكر الخنزير في العهد القديم ضمن الحيوانات النجسة التي تحرم الشريعة أكلها :" والخنزير لأنه يشق ظلفاً ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر فهو نجس لكم" ( لا 11: 7، تث14: 18).

ويوبخ إشعياء النبي من يأكل لحم الخنزير أو يقدمه ذبيحة لأن ذلك رجس عند الرب (إش 65: 4، 66: 3و17). ويذكر سفر المكابين أن أنطيوكس الملك" أنفذ ... كتباً على أيدي رسل إلى أورشليم ... ومدن يهوذا أن ... يذبحوا الخنازير والحيوانات النجسة (المكابين أول 1: 46ـ 50). ويروي سفر المكابين الثاني قصصاً عن تعذيب شيخ طاعن في السن اسمه ألعازار، واستشهاده هو وسبعة من أبنائه الواحد بعد الآخر على مرأى من الأم التي كانت تشجعهم على الثبات حتى استشهدت هي أخيراً، وذلك لرفضهم محاولة إكراههم على الأكل من لحم الخنزير (المكابين الثاني 6: 18 ـ 7: 41).

وقد ذكر البشيرون معجزة إخراج المسيح للشياطين من مجنون كورة الجدريين ودخولهم في قطيع من الخنازير لأهل تلك المنطقة من الأمم (مت 8: 30 ـ 32، مرقس 5: 11 ـ 16، لو 8: 32و33). ونقرأ عن الابن الأصغر أنه "كان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي تأكله الخنازير، ولكن لم يعطه أحد" (لو15: 15).

وكان الخنزير عظيم القيمة للإنسان البدائي، فعلاوة على منفعته للتربة، فإنه كان يحول البذور والجذور وقشور الأشجار ونفايات الحقول وما أشبه إلى لحم طيب وشحم. وكان قدماء المصريين يستخدمون الخنازير لدفن البذار تحت أقدامها في التربة الزراعية المبتلة بالماء عند انحسار الفيضان عنها.

ويستخدم شعر الخنزير في عمل بعض أنواع الفُرش، أما عظامها فلا تصلح لصنع الأدوات منها. واعظم فوائد تربية الخنازير هو أنها أسرع الحيوانات في تحويل المواد النباتية إلى لحوم حيوانية.

وكثيراً ما كان يعجب البعض لتحريم الشريعة أكل لحم الخنزير، ولكن الاكتشافات العلمية الحديثة أثبتت أن الخنزير يحمل في جسمه عدوى بعض الأمراض التي ينقلها للإنسان، ولعل أهمه "الدودة الشريطية" التي تتحوصل ـ في أحد أطوارها ـ في عضلات الخنزير، فإذا أكلها إنسان أو حيوان آخر تتحول في جسمه إلى دودة بالغة تسبب أذى بليغاً لعائلها، بل قد تؤدي بحياته. ولأنه لم يكن في الإمكان قديماً طهيها طهياً يقضي على هذه الحويصلات، أصبح تحريمها كلية هو أسلم طريق للوقاية مما تنقله من أمراض، علاوة على أن الخنزير يقتات بكل ما يجده من فضلات حيوانية أو نباتية، وكذلك بالقمامة التي لا تخلو من ميكروبات يمكن أن تنقلها إلى الإنسان، وبخاصة أنها تعيش بين المساكن المأهولة. "

وهكذا اتفقت اليهودية والاسلام مع الشعوب الوثنية فى تحريم اكل الخنزير
اما عن سبب ذلك التحريم فان الاديان بررت ذلك بان الخنزير حيوان نجس او قذر , وقام مفسرى الاديان يبررون هذا الموقف بتوضيح امكانية انتقال الامراض للانسان باكل الخنزير

فهل كرهت الامم الوثنية الاخرى والتى تسبق الاديان الخنزير لنفس الاسباب التى بررت الاديان بها تحريمها للخنزير ؟

ان التراث الاسطورى للشعوب القديمة يذكر ويلقى الضوء على اسباب اخرى جعلتهم يكرهون الخنزير ويحرمون اكله , اسبابا اسطورية خرافية تُرجع قتل الالهة المحبوبة عندهم على يد خنازير , فصار الخنزير فى ذهنيتهم الايمانية الاسطورية رمزا للشر والنجاسة .

وباستعراضنا للمراجع المختلفة التى وقعت تحت ايدينا والتى سجلت كراهية الشعوب الوثنية القديمة للخنزير , يمكننا ان نصل الى السبب الاصلى لكراهية الخنزير فى الاديان ( اليهودية والاسلام ) , كما يمكننا معرفة مصدر هذه الكراهية .

اولا : الاساطير المصرية القديمة

جاء بالاساطير المصرية القديمة ان الاله " ست " , اله الشر جرح وصرع الاله " حورس " , ابن الاله اوزيريس , وكان ست فى هيئة خنزير اسود عندما اقترف هذا الاثم الكبير .

يقول عالم المصريات ادولف ارمان :

" ومنها كذلك نفورهم ( نفور المصريين ) من الخنزير , ومن المحقق ان لذلك علاقة بما ورد من ان ست وهو فى هيئة خنزير أسود قد جرح حورس "

( ديانة مصر القديمة , ارمان , ترجمة عبد المنعم ابو بكر ومحمد شكرى ص 376 )

كما نقرأ فى ( معجم الحضارة المصرية القديمة ) عن هذه الاسطورة وعن لماذا قدم المصريون الخنزير ذبيحة – مع كراهيتهم له – لاله القمر :

" لم يقدم الخنزير ذبيحة الا للقمر بسبب تحريم دينى ينبذ هذا الحيوان , فالقمر الذى هو احدى عيني حورس , كان يبتلعه فى فترات منتظمة منذ بدء الزمن , خنزير اسود ضخم , لم يكن ذلك الخنزير سوى ست , عم حورس وعدوه وقاتل ديونيسيوس , اى اوزيريس " ص 152

وهكذا يتضح ان تقديم الخنزير ذبيحة للقمر ليس حبا او تقديسا للخنزير وانما كراهية ومقتا له , فباسلوب رمزى ينتقمون من الخنزير ( الاله ست ) بذبحه وتقديمه لمعبودهم القمر ( حورس )

وغنى عن البيان عشق المصريين للاله حورس ولابيه اوزير الذى مات وقام من بين الاموات ليضمن لهم الحياة الابدية فى العالم الاخر .

وهكذا يمكن ان نتصور مدى كراهية المصريين القدماء للخنزير قاتل ابن الاله المحبوب , وسبب الكراهية الاساسى فى هذه الاسطورة هو سبب دينى اسطورى فيه الخنزير رمزا لاله الشر او الشيطان او ست , وليس مجرد قذارة الخنزير !!

وهكذا تغلغل فى الذهنية المصرية القديمة كراهيتهم للخنزير .

ثانيا : الاساطير الكنعانية ( السورية )

جاء بالاسطير الكنعانية اسطورة موت الاله " أدون " – وهو اللقب الذى اشتهر به كبير الالهة الكنعانية " بعل " – على يد خنزير بري .

يقول فراس السواح :

" انتشرت عبادة بعل فى جميع انحاء سورية وآسيا الصغرى وكان اسمه يسبق بلقب " آدون " وتعنى السيد او الرب . وقد ناب هذا اللقب عن الاسم الاصلى وصار يعبد تحت اسم " ادون " او " ادونى " وخصوصا لدى فينيقي " بيبلوس " و " بانو " فى قبرص وهما المدينتان الرئيسيتان اللتان ازدهرت فيهما عبادة هذا الاله . الا ان تحويرا وقع على اسطورة بعل هنا . فالرب لم يمت فى صراعه مع " موت " وانما قام خنزير برى بافتراسه فى غابات لبنان اثناء الصيد ."

( مغامرة العقل الاولى , فراس السواح , ط 9 , دار المنارة سورية , ص 357 )

والمعروف ان الاله بعل ولقبه آدون من اعظم وأحب الالهة عند الكنعانيين , ولذلك كان مقتله على يد خنزير سببا دينيا فى كراهيتهم للخنزير وفى تحريمهم لاكله , فكيف ياكلون من قتل معبودهم !

وهكذا تغلغل فى الذهنية السورية كراهيتهم للخنزير .



ثالثا : الاساطير الاغريقية

انتقلت الاسطورة الكنعانية الى الاساطير الاغريقية , فاصبح الاله الكنعانى " آدون " هو نفسه الاله الاغريقى " ادونيس "

وكما ان آدون الكنعانى لقى مصرعه على يد خنزير برى , فان ادونيس الاله الاغريقى قتله خنزير برى ايضا

يقول فراس السواح بايجاز :

" ففى الاسطورة اليونانية نجد ان ادونيس يقتل من قِبل الخنزير البرى وهو الحيوان المقدس لدى حبيبته افروديت واحد رموزها . وبذلك يكون ادونيس قد قتل من قبِل حبيبته بصورة غير مباشرة "

( مغامرة العقل الاولى , فراس السواح , ط 9 , دار المنارة سورية , ص 332 )

اما اذا اردنا الاطلاع على الاسطورة الاغريقية بالتفصيل فنجدها فى كتاب Age of Fable ( عصر الخرافة )

لمؤلفه ذائع الصيت فى الدراسات الاسطورية Bulfinch سلسلة كتب Mentor Classic ص 98 .

رابعا : اساطير فريجيا

جاء باساطير فريجيا بآسيا الوسطى اسطورة الاله " آتيس " Attis الذى كان يتشابه مع الاله ادون بصورته الكنعانية او ادونيس بصورته الاغريقية حتى ان القدماء كانوا يطلقون عليهما الاسمين تبادليا , ولقد لقى آتيس مصرعه هو ايضا على يد خنزير برى .

يقول استاذ اللغات السامية وتاريخ الشرق القديم سبتينو موسكاتى Sabatino Moscati :

" وتموز هو ادونيس Adonis , الشائع الذكر فى اساطير البحر المتوسط . والاسم أدونيس سامى الاصل ... وكان اهل فريجيا phrygia فى آسيا الصغرى يعبدون الها مماثلا هو آتيس Attis , زوج الإلهة " كيبيلى " ( سيبيل ) Kybele الام الكبرى , وهو شاب جميل , قتله خنزير برى كما حدث للاله ادونيس , ولكنه يقوم من الموت كما يقوم ادونيس ..."

( الحضارات السامية القديمة , سبتينو موسكاتى , ترجمة د . السيد يعقوب بكر , دار الرقى بيروت 1986 , ص 256 )

ويقول السواح عن الاله آتيس :

" بلغ من تشابه هذا الاله مع آدونيس ان القدماء كانوا فى كثير من الاحيان يطلقون عليهما الاسمين تبادليا . كان آتيس راعيا شابا غض الاهاب , وكان محبوبا للام الكبرى سيبيل احيانا وابنا لها احيانا اخرى . ويحكى عن مولده ان امه " نانا " واسمها يذكرنا " أنانا " السومرية قد حملت به وهى عذراء . وذلك عن طريق احتضان غصن من شجرة اللوز او الرمان , ولكن عنزة ارضعته حتى شب وكبر . ومن هنا جاء الاسم " آتيس " اى التيس .

وتحكى عن وفاته روايتان , فتراه فى الاولى ضحية لغدر خنزير برى تماما كأدونيس , وفى الثانية ضحية لعمل عنيف قام به هو نحو ذاته .."

( مغامرة العقل الاولى , فراس السواح , ط 9 , دار المنارة سورية , ص 332 مقتبسا ومترجما لما جاء بكتاب الغصن الذهبى لفريزر J . Frazer , The Golden Bough , London , 1971 , ch xxxix )

وختاما

لقد انتشرت كراهية الخنزير فى منطقة الشرق الادنى وما جاورها من بلاد فى آسيا الصغرى واوروبا وذلك قبل ظهور اليهودية والاسلام .

ورأينا كيف ان مصدر هذه الكراهية يرجع لاسباب دينية اسطورية حيث كان الخنزير هو قاتل الاله المحبوب لدى الشعوب القديمة , ولقد ترسبت هذه الاسطورة فى وجدان وعقول الانسان الشرقى القديم , انسان ما قبل الاديان الكتابية , وعندما ظهرت اليهودية وبعدها الاسلام , نجد الديانتين تتخذ موقفا من الخنزير هو نفسه موقف الاساطير القديمة . فحرمت اكل الخنزير واعتبرته نجسا تأثرا بما رسخ فى الاذهان ولم تنسب هذا التحريم للسبب الدينى الاسطورى القديم ( مقتل الاله المحبوب على يد الاله الشرير فى هيئة خنزير ) لكن جوهر الاسطورة كان واحدا ولم يتغير وهو تحريم الخنزير واعتباره من الحيوانات النجسة , كل ما تغير هو سبب التحريم الذى ارجعته الاديان الى قذارة الخنزير .

لكن ظلت كراهية الخنزير فى اليهودية والاسلام باقية بنفس قوتها عند الشعوب الوثنية الاسطورية القديمة

ظلت باقية كحفرية تراثية اسطورية نُسى اصلها ومنبعها الاول , وصبغتها الاديان باسباب اخرى تتفق مع متغيرات العصر وظروف الزمان والمكان والتراكم المعرفى البشرى المتزايد .



ولقد قام المدافعون الدينيون ( يهود ومسيحيين ومسلمين ) بمحاولات مستميتة لتبرير التحريم الدينى لاكل الخنزير ولتبرير اعتباره حيوان نجس

ولنرى كيف يدافعون :

جاء بدائرة المعارف الكتابية , تحت مادة خنزير , وهى تمثل وجهة النظر المسيحية واليهودية :

" وكثيراً ما كان يعجب البعض لتحريم الشريعة أكل لحم الخنزير، ولكن الاكتشافات العلمية الحديثة أثبتت أن الخنزير يحمل في جسمه عدوى بعض الأمراض التي ينقلها للإنسان، ولعل أهمه "الدودة الشريطية" التي تتحوصل ـ في أحد أطوارها ـ في عضلات الخنزير، فإذا أكلها إنسان أو حيوان آخر تتحول في جسمه إلى دودة بالغة تسبب أذى بليغاً لعائلها، بل قد تؤدي بحياته. ولأنه لم يكن في الإمكان قديماً طهيها طهياً يقضي على هذه الحويصلات، أصبح تحريمها كلية هو أسلم طريق للوقاية مما تنقله من أمراض، علاوة على أن الخنزير يقتات بكل ما يجده من فضلات حيوانية أو نباتية، وكذلك بالقمامة التي لا تخلو من ميكروبات يمكن أن تنقلها إلى الإنسان، وبخاصة أنها تعيش بين المساكن المأهولة."

اما الردود الاسلامية فكثيرة ومتنوعة اخترنا منها هذا النموذج
فجاء بمقالة اسلامية بعنوان : لماذا حُرِّم لحم الخنزير؟ لسعد الحفناوى

على هذا الرابط :

http://www.balagh.com/mosoa/ejaz/nn0rpahr.htm

ما حكمة تحريم لحم الخنزير؟

وهل إذا تربى فى حظائر نظيفة يصبح حلالاً؟
الإجابة لفضيلة الشيخ مصطفى احمد الزرقا - كلية الشريعة الجامعة الاردنية
إن لحم الخنزير قد حُرِّم في الإسلام بنص القرآن، وهو قول الله تعالى ]إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير[ [سورة البقرة 173] ولا يُباح بحال من الأحوال لمسلم أن يتناول منه شيئًا بأيّ شكل كان، مطبوخًا أو غير مطبوخ، إلا في حالة الضرورات التي تتوقف فيها صيانة حياة الشخص على تناوله، كما لو كان في مفازة، ولا يجد طعامًا سواه؛ وفقًا لقاعدة أن "الضرورات تبيح المحظورات"، وهي القاعدة التي جاءت فيها الشريعة الإسلامية بفتح باب الحلول الاستثنائية المؤقتة لظروف استثنائية عارضة، نظرًا لأن الشريعة الإسلامية شريعة واقعية، تُقرِّر لكل حالة في الحياة ما تستلزمه وتستدعيه من حلول وتدابير.
فإلى جانب المبادئ الثابتة والأحكام الأصلية العامة في الحياة العادية فتحت الشريعة باب الحلول والتدابير الاستثنائية الموقوتة للحالات غير العادية، وهي الظروف الاستثنائية المُعبَّر عنها بقاعدة (الضرورات)، وهي المقررة في القرآن العظيم بقوله في الآية السابقة التي جاءت بتحريم الميتة والخنزير: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [سورة البقرة: 173]، ويقول الله -سبحانه- في موطن آخر بعد ذكر تلك المحرمات: ]إلا ما اضطررتم[ [الأنعام: 119].
ولم يرد في النصوص الشرعية تعليل خاص لتحريم لحم الخنزير -كما ورد في تحريم الخمر والميسر مثلاً-، ولكن التعليل العام الذي ورد في تحريم المحرمات من المآكل والمشارب ونحوهما يرشد إلى حكمة التحريم في الخنزير، وذلك التعليل العام هو قول الله تعالى: ]ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث[ [الأعراف: 157] فهذا يشمل بعمومه تعليل تحريم لحم الخنزير، ويفيد أنه معدود في نظر الشريعة الإسلامية من جملة الخبائث.
والخبائث في هذا المقام يراد بها ما فيه فساد لحياة الإنسان في صحته أو في ماله أو في أخلاقه، فكل ما تكون مغبته وعواقبه وخيمة من أحد النواحي الهامة في حياة الإنسان، دَخَل في عموم الخبائث.
وقد أثبتت الاكتشافات الطبية في عصرنا الحديث الذي اكتُشفت فيه عوامل الأمراض وخفايا الجراثيم الضارة أن الخنزير يتولد من لحمه في جسم الإنسان الذي يأكله دودة خطرة، توجد بذرتها في لحم الخنزير، وتنشب في أمعاء الإنسان بصورة غير قابلة للعلاج بالأدوية الطاردة لديدان الأمعاء، بل تنشب تلك الدودة الخنزيرية ضمن عضلات الإنسان بصورة عجز الطب إلى اليوم عن تخليص الإنسان منها بعد إصابته بها، وهي خطر على حياته، وتسمى "تريشين" (Treichine)، ومن هنا ظهرت حكمة تحريم لحم الخنزير في الإسلام.
وقد جاء في موسوعة لاروس الفرنسية: إن هذه الدودة الخبيثة (التريشين) تنتقل إلى الإنسان، وتتجه إلى القلب، ثم تتوطن في العضلات، وخاصة في الصدر والجنب والحنجرة والعين، والحجاب الحاجز، وتبقى أجنّتها محتفظة بحيويتها في الجسم سنين عديدة.
ولا يمكن الوقوف عند هذا الاكتشاف في التعليل، بل يمكن للعلم الذي اكتشف في الخنزير هذه الآفة أن يكتشف فيه في المستقبل آفات أخرى، لم تعرف بعد.
ومن ثم لا يُقبل في نظر الإسلام رأي من يزعم أن تربية الخنازير الأهلية في العصر الحاضر بالطرق الفنية المراقبة في مراعيه، وفي مبيته، ومأواه، كفيلة بالقضاء على جرثومة هذه الآفة فيه، لِمَا بيّنَّا أن نص الشريعة في التحريم مطلق وغير معلل، ومن الممكن أن تكون هناك مضارّ أخرى للحم الخنزير لم تعرف بعد، كما كانت آفة التريشين نفسها مجهولة قبل اكتشافها في العصر الحديث.
وينبغي ملاحظة أنه إذا أمكن العناية بتربية الخنازير بصورة فنية مزيلة لهذه الآفة فيه في وقت أو مكان، أو أمكنة كثيرة من مراكز الحضارة وعواصمها في العالم، فإن ذلك غير ممكن في جميع آفاق الأرض، في جميع الأزمنة، ولا تتيسر وسائله لكل البشر، كما أن هذه العناية الصحية بتربيته في المراكز الحضارية لا تكفل القضاء على هذه الآفة تمامًا، والاحتياطات التي تُمكِّن من العناية بها في عاصمة غنية بالوسائل الفنية كنيويورك وباريس مثلاً، لا يمكن بذلها في الضواحي والقرى، ولا سيما النائية بين الفلاحين ونحوهم.
وحكم الشريعة يجب أن يكون صالحًا واقعًا لجميع الناس في جميع الأماكن، ولذلك وجب أن يكون التحريم عامًا شاملاً.
على أن الشخص المسلم المؤمن لا يجوز له رفض حكم الشريعة إذا لم تظهر له حكمته؛ لأن هذا يؤدي إلى أن يتخذ كل إنسان من عقله وعلمه القاصرين مقياسًا متفاوتًا عن مقياس غيره في قبول أحكام الشريعة ورفضها، بل عليه قبول الحكم الشرعي في التحليل والتحريم متى ثبت وجود النص؛ سواءً أفهم الحكمة في ذلك أم لم يفهمها؛ لأن الكثير من حِكم الأحكام من أول عهد الشريعة إلى هذا العصر ظل مجهولاً حتى اكتشفت الوسائل العلمية الحديثة هذه الحكم، وذلك نظير المكلف تجاه القوانين الوضعية النافذة عليه، فإن على كل شخص طاعة القانون، سواء أكان مقتنعًا بحكمته أم غير مقتنع بعد أن يصدر القانون عن مصدره التشريعي؛ لأن المفروض أن السلطات التشريعية التي تُصدر القانون قد درست ما يحيط بالموضوع من كافة النواحي المتعلقة بالفرد، والجماعة، والحاضر، والمستقبل، والنواحي المالية والخلقية والاجتماعية دراسة بصيرة، ووسائل أوسع من بصيرة الفرد المكلف الذي يقيس الأمور عادة بمقياس مصلحته وأهوائه ورغباته فقط."





ومثل هذه الردود الدينية التى تزعم استنادها على العلم يمكن تفنيدها على اساس علمى ايضا

وهذا نموذج قام به كامل النجار وفيه يثبت انه ليس هناك اى منطق او سبب مقنع فى تحريم الخنزير ويكشف المغالطات الدينية الساذجة لايجاد مبرر طبى وعلمى لهذا التحريم

يقول كامل النجار فى كتاب (الدولة الإسلامية بين النظرية والتطبيق ) الفصل الخامس :



منطق التحريم

القرآن ومن قبله التوراة لم يوضحوا لنا لماذا حرّم الله لحم الخنزير. ولكن العلماء المسلمين دفنوا رؤوسهم في أمهات الكتب يبحثون عن سببٍ لهذا التحريم، ولما لم يجدوا سبباً منطقياً، قالوا لنا يجب ألا نناقش أسباب التحريم وعلينا أن نقبلها كأمر من رب العالمين، فقبلنا. ولكن مع تقدم العلم واختراع البرادات، جاء العلماء الحديثين بتفسير مذري: أن عرب الجزيرة لم تكن عندهم برادات تحفظ اللحم، ولحم الخنزير يفسد بعد زمن وجيز نسبة لحر الطقس في الجزيرة وقد يسبب تسمماً للآكلين. وماذا عن لحم الخراف؟

ولا بد أن عرب الجزيرة كانت لديهم وسائل لحفظ اللحم، فقد حكى الطبري في تاريخه عن جماعة من المسلمين أيام غزوة تبوك، وجدوا حيواناً بحرياً كبيراً على شاطئ البحر الأحمر، أكلوا منه لمدة نصف شهر، فقال: " وحدثنا احمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا عمى عبد الله بن وهب قال: اخبرنى عمرو بن الحارث ان عمرو بن دينار حدثه انه سمع جابر بن عبد الله يقول: خرجنا فى بعث ونحن ثلاثمائة وعلينا ابو عبيدة بن الجراح، فاصابنا جوع فكنا ناكل الخبط ثلاثة اشهر، فخرجت دابة من البحر يقال لها العنبر، فمكثنا نصف شهر ناكل منها " . ( تاريخ الطبري، المجلد الثاني، ص 147 ) فهذا التبرير للمنع غير مقنعٍ.

ثم تقدم العلم مرة أخرى وأكتشف العلماء أن الخنزير يحمل في إمعائه دودة تسمى " Tinea solium "، تسبب مرضاً للانسان عبارة عن أكياس صغيرة تنتشر في جسم الأنسان وقد تسبب له مضاعفات. فهلل العلماء المسلمون وتحدثوا عن حكمة الله في تحريم لحم الخنزير، ولكنهم تكتموا على الاكتشاف الثاني الذي أثبت أن بالبقر كذلك دودة اسمها الدودة الشريطية " Tinea saginata "، تستقر في إمعاء آكلي لحم البقر، وتصيبهم بسوء التغذية لأنها تمتص كل الغذاء من إمعائهم. وهناك كذلك دودة أخرى اسمها Echinococcus توجد في البقر والخراف وتصيب الإنسان بزرع كميات كبيرة من الأكياس المائية في عدة أجزاء بالجسم، خاصة الكبد.

فإذاً كل الأسباب التي ساقوها لتبرير تحريم لحم الخنزير تنطبق على لحم البقر والخراف، فلماذا لا نحرمهما"؟

وهذه الأمراض غير معروفة في أوربا وأمريكا حيث تستهلك الناس كميات هائلة من لحم الخنزير، لأن الحلوف يُربى في مزارع نظيفة يشرف عليها أطباء بيطريون، ويعالجون الحلوف إذا وجدوا به المرض. وقد يقول قائل إن الله حرم لحم الخنزير في تلك الأيام لجهل الناس بالقواعد الصحية. ولكن لماذا يُحرم علينا الآن وقد وعينا هذه القواعد الصحية؟ ألا يمكن أن يجتمع العلماء ويزيلوا هذا التحريم الآن؟ والله الذي يعلم الغيب لا بد أنه عرف أن في القرن العشرين سوف يُلم الناس بالقواعد الصحية ولن يسبب لهم وقتها لحم الخنزير أي مرض، فلماذا لم يضع استثناءً في التحريم؟

وتحريم أنواع معينة من الحيوانات ليس فيه أي منطق مقبول، فلماذا يحل لنا أكل الحيوان مشقوق الظلف ويُحرم أكل الحيوان ذي الظلف غير المشقوق. شق الظلف أو عدم شقه مسألة اقتضتها جغرافية المكان الذي نشأ فيه الحيوان وتأقلمه مع البيئة التي يعيش فيها، فالجمل نشأ في أماكن صحراوية كالجزيرة العربية كلها رمال يسهل المشي عليها إذا كان الظلف أو الخف مشقوقاً، فصار خف الجمل مشقوقاً. وكذلك الجمال التي نشأت في مناطق جبلية مثل منطقة " التبت " في أقصى شمال الهند، فنسبةً لوعورة الأرض، يسهل على الجمل السير فيها إذا كان خفه مشقوقاً. وكذلك الماعز والأغنام لها ظلف مشقوق لأنها تعيش في مناطق جبلية. بينما الحمار والحصان وما شابههما، نشأ في مناطق " سافنا" أي بين الصحراء وبين الغابات، حيث الأرض أكثر صلابةً من الرمال، ولذلك لا يحتاج الحمار إلى ظلف مشقوق. وشق الظلف أو عدمه لا يؤثر في نوعية اللحم أو في طهارته أو عدمها، وليس هناك أي منطق في هذا التحريم. ونفس الشي ينسحب على الحيوانات التي تقصع الجرة ويحل لنا أن نأكلها، والتي لا تقصعها وتُحرّم علينا."

وفى الختام

لقد انتشرت اساطير وخرافات حول الخنزير تبريرا للصراع بين إله الخير وإله الشر , وتصور القدماء اله الشر على هيئة خنزير اسود او خنزير برى شرير يقوم بقتل اله الخير , ولا يتم النصر للخنزير الشرير لان الاله الطيب يعود فيقوم من بين الاموات منتصرا على مملكة الشر التى يرأسها الشيطان فى صورة خنزير

فلما جاء اليهود تسربت الى عقائدهم تلك الاساطير القديمة , ومن بين مئات الاساطير والخرافات التى انتقلت اليهم كان الموقف المعادى للخنزير , فحرمت التوراة اكله واعتبرته حيوان نجس , لم تقتبس جميع عناصر ومنمنمات الاسطورة لكنها ابقت على جوهرها

وجاء الاسلام فاتخذ نفس الموقف متأثرا بموقف التوراة فحرم القرآن الخنزير واعتبره نجس دون ان يقدم الاسباب

وحاول الدينيون ايجاد اسبابا لهذا التحريم فتحججوا بحجج واهية مثل قولهم ان الله حرم اكل الخنزير لحكمة لا نعلمها , او قول بعضهم ان الخنزير حرمه الاله تجنيبا للبشر من الامراض التى ستصيب الانسان لو اعتمد فى غذائه عليه !!

وقدموا حجج قد تبدو ان لها مسحة علمية لكن ينكشف زيفها بالعلم نفسه .

الكاتب: سواح
المصدر: شبكة اللادينيين العرب

14 تعليق(ات):

إظهار/إخفاء التعليق(ات)

إرسال تعليق

هذه المواضيع لا تمثل بالضرورة رأي ناشرها - أثير العاني

يسمح بإعادة النشر بشرط ذكر الرابط المصدر أو إسم الكاتب