دأب الأستاذ الدكتور زغلول النجار على نشر صفحة كاملة (تقريباً) كل يوم اثنين في جريدة الأهرام المصرية، يطرح فيها أحد أوجه "الإعجاز العلمي" القرآني، كما أن كثير من القنوات التلفزيونية العربية تستضيف الأستاذ الدكتور زغلول النجار بوصفه أستاذ علوم الأرض الحاصل على شهادته العلمية من جامعة ويلز البريطانية، ليتحدث باسهاب في شتى مناحي العلوم من طب وفلك وبيولوجي وفيزياء وكيمياء.. إضافة بالطبع إلى تخصصه الجيولوجي، فضلاً عن الدين واللغة والتاريخ، ولينهي كافة مواضيعه (تقريباً) المكتوبة أو المسموعة أو المرئية على حد سواء بذلك السؤال الذي أصبح كالعلكة في فم جماهير المسلمين " كيف لمحمد بن عبد الله إن لم يكن نبياً مرسلاً من قبل رب العالمين أن يعرف هذا الذي توصل إليه العلم الحديث قبل 1400 عام؟"
وكمساهمة مني لإجلاء ما أظنه حقيقة بالقدر المتاح لي في هذا الفضاء الإنترنتي المحدود، حيث أن الصحف المنشورة والقنوات التلفزيونية لا تجرؤ بالطبع إلا على ترديد ما يردده العوام وعرض ما يرغب الجمهور في مشاهدته، سأسعى للرد على ما أقد عليه من هذه المقالات وتوضيح "التدليس" الذي يمارسه الأستاذ الدكتور زغلول النجار في هذا الموضوع.
لا أنوي الإنجرار إلى مناقشات بيزنطية لا طائل من ورائها، لضيق وقتي من ناحية ..ومن ناحية أخرى فما أرغب فيه هو الرد وتوضيح الأخطاء التي يرتكبها الأستاذ الدكتور في مقالاته المنشورة على صفحات الجرائد، وليس الدخول في حوارات مع المتحمسين، ولذلك أتمنى من الأخوة اللادينيين هنا أن يولوا هذه السلسلة بعنايتهم وبدراستها بعين ناقدة فإن كان ما أكتبه صحيحاً فليخبروني وإن كان خطأً فلينبهوني .. حتى نصل سوياً إلى سلسلة من الردود الموضوعية العلمية الواضحة والسليمة.
وبطبيعة الحال .. فالمجال مفتوح لكافة الأخوة المهتمين بالمشاركة في الموضوع وطرح مواضيعهم الخاصة في الرد على كتابات الأستاذ الدكتور زغلول النجار، لكني أتمنى منا جميعاً ألا نستخدم أي ألفاظ تحط من قدر الأستاذ الدكتور زغلول النجار .. كأن يصفه أحد بالفشار مثلاً أو ما شابه من صفات حتى لو كنا نؤمن بأن هذه الأوصاف تنطبق عليه، وتقريباً لن أستخدم معه أي لفظ يحط من شأنه سوى وصف مواضيعه بأنها "تدليس" لأنها فعلاً كذلك من وجهة نظري، ولا أرى لها وصف آخر.
وقبل أن أبدأ في تناول مواضيع الأستاذ الدكتور زغلول النجار أحب أن ألفت النظر إلى أن الرد وتوضيح التدليس على معظم مواضيعه هو أمر يسير بصورة نسبية ولا تتطلب تعمق شديد في مختلف العلوم التي يناقشها أو يطرحها .. ولكنه يتطلب إنتباهاً إلى ما يكتبه وإلى سعيه الحثيث لإقحام مفردات علمية ضخمة وفخمة في موضوع يتناول آيات لا يمكن بأي حال تحميلها بهذه المعاني التي يسعى الأستاذ الدكتور زغلول النجار إلى إلصاقها بها.. كما أن المساحة التي يجب أن يشغلها موضوع الدكتور زغلول النجار الأسبوعي على صفحات جريدة الأهرام تحتم عليه الحشو الزائد كما سيتضح لنا في هذه السلسلة بإذن الله.
في هذا الموقع روابط لكافة مواضيع الأستاذ الدكتور زغلول النجار التي يتجاوز عددها المائة موضوع.
http://web.macam.ac.il/~omarym/mqalat-3.htm
----------------------
ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود
http://www.ahram.org.eg/archive/2002/2/11/OPIN7.HTM
في هذا الموضوع، يناقش الدكتور زغلول النجار الإشارات الكونية في الآية 27 من سورة فاطر، وبعد مقدمة طويلة عن سورة فاطر وعن أوجه الإعجاز التي لا تحصى فيها، ينتقل إلى شرح المفردات اللغوية المستخدمة في الآية، ثم يعرج بنا على أقوال المفسرين القدامى والمعاصرين، لينتقل بعد ذلك إلى عرض موجز لاستخدام كلمة الجبال ومترادفاتها في القرآن، ثم ينتقل إلى شرح جيولوجي للجبال وأخيراً يدخل في الموضوع فيحدثنا عن الجدد الصخرية في علوم الأرض.
ليقول:
اقتباس:
بدأت قشرة الأرض بتبلور الصهير الصخري الذي نتج عن أرتطام أعداد كبيرة من النيازك الحديدية والحديدية الصخرية والصخرية بمادتها الأولية, وبتبلور هذا الصهير الصخري نشأت الصخور النارية الصخور الأولية التي تشكل اليوم حوالي95% من مجموع صخور قشرة الأرض.
وبتعرض الصخور النارية لعوامل التعرية المختلفة من التجوية, والنقل, والتحات( التآكل) بعواملها المتعددة0( من الرياح, والمياه الجارية, والمجالد, والكائنات الحية, وفعل الجاذبية الأرضية) تفتتت تلك الصخور الأولية وتحللت كيميائيا, ونقل هذا الفتات الصخري ليرسب في كل من منخفضات اليابسة والبحار والمحيطات لينكبس ويتماسك ويتصلب علي هيئة الصخور الرسوبية والتي تكون اليوم غطاء رقيقا ينتشر فوق مساحات شاسعة من الأرض علي هيئة الصخور الرسوبية التي تشكل حوالي5% فقط من مجموع صخور القشرة الأرضية.
وبتعرض كل من الصخور النارية والرسوبية لعوامل التحول من الضغط, أو الحرارة, أو لكليهما معا, تحولت تلك الصخور إلي ما يعرف باسم الصخور المتحولة التي تكون اليوم نسبة ضئيلة جدا من مجموع صخور القشرة الأرضية. وبتعرض الصخور المتحولة لمزيد من الحرارة تنصهر متحولة الي صهارة صخرية تعاود دورتها المعروفة باسم دورة الصخور.
وقد تنقطع هذه الدورة عند أية مرحلة من مراحلها, أو تتجاوزها إلي المرحلة التالية من مثل تحول الصخور النارية مباشرة الي الصهير الصخري عبر الصخور المتحولة أو متجاوزة لمرحلتها, أو دخول أي من الصخور الرسوبية والمتحولة في دورة تعرية جديدة دون الوصول إلي مرحلة الصخور النارية.
وعندما تندفع الصهارة الصخرية في القشرة الأرضية من نطاق الضعف الأرضي, فإنها إما أن تندفع إلي سطح الأرض علي هيئة الثورات البركانية, مكونة الطفوح البركانية, وإما أن تتداخل في أعماق القشرة الأرضية حتي تتبلور وتجمد علي هيئة المتداخلات النارية التي قد ترفعها الحركات الأرضية إلي سطح الأرض ومنها الحركات البانية للجبال, فتعريها عوامل التعرية وتكشفها للناظرين بعد ملايين السنين.
والمتداخلات النارية تأخذ أشكالا وأحجاما متعددة منها المتداخلات المستوية( اللوحية الشكل) ومنها الكتلية, ومنها المتوافق مع الصخور المتداخل فيها, ومنها غير المتوافق, والأول يتداخل متوازيا مع بنيات الصخور المضيفة من مثل مستويات التطبق في الصخور الرسوبية, والثاني يتداخل في الصخور قاطعا لبنياتها.
ومن المتداخلات المستوية الجدد وتتكون باندفاع الصهارة إلي داخل الشقوق والفواصل ومستويات التطبق وغيرها, ومنها الجدد القاطعة إذا كانت رأسية أو مائلة, والجدد الموازية( المتوافقة) وهي أفقية أو مائلة وموازية لمستويات التطبق, وغير ذلك من البنيات الأساسية للصخر المضيف. ومن المتداخلات النارية غير المتوافقة بقايا غرف الصهير العملاقة( الباثوليثات) والتي تعتبر أضخم المتداخلات النارية حجما إذ تمتد لآلاف الكيلو مترات وتكون قلوب الجبال, وتتكون غالبا من الصخور الجرانيتية الدايوريتية.
ومن المتداخلات النارية الكتلية المتوافقة أجسام عدسية الشكل تعرف باسم اللاكوليثات سطحها العلوي محدب إلي أعلي, وسطحها السفلي أفقي تقريبا مما يعكس اتجاه اندفاع الصهير من أسفل إلي أعلي.
ثم يفاجئ القارئ بعد هذه المداخلة العلمية الدسمة بالدكتور زغلول النجار يضع هذه الجملة:
اقتباس:
المعجزة العلمية في سبق القرآن الكريم بالاشارة إلي ألوان الجدد باللون الأبيض والأحمر والأسود
فأين هي مواضع الإعجاز التي يشير إليها الدكتور؟
أولا- العلوم الحديثة تشير إلى أن المتداخلات النارية قد تشكلت بعد تشكل صخور الجبال، والقرآن يشير إلى إختلاف ألوان الجدد عن الجبال، أي أنها ليست جبال.
ثانيا- العامل الرئيسي في تصنيف الصخور النارية هو تركيبها الكيميائي والمعدني وذلك ينعكس على ألوانها.
وبعد أن يحدثنا الدكتور زغلول النجار عن تصنيف الصخور إلى حامضية ووسطية وقاعدية وإنعكاس ذلك على ألوانها يضع هذه الفقرة:
اقتباس:
وهذا التصنيف لم يصل إليه العلماء إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين بعد مجاهدة استغرقت آلاف العلماء, وآلاف الساعات من البحث المضني, وسبق القرآن الكريم بالإشارة إليه في هذه الأية الكريمة بهذه الدقة البالغة التي تجمع الجدد البيضاء والحمراء في جهة, تعبيرا عن الصنف الاول من الصخور النارية( عائلة الجرانيت), ثم تضيف هذه الإضافة المعجزة مختلف ألوانها لتعبر عن كل مراحل الانتقال في هذه المجموعة الحامضية وفوق الحامضية, ومنها إلي الصخور ذات التركيب الوسطي( مجموعة الصخور الدايوريتية), وتخص المجموعة القاعدية وفوق القاعدية بهذا الوصف المبهر وغرابيب سود( مجموعة صخور الجابرو والبريدوتايت).
ثم يختم موضوعه بطريقته المعتادة:
اقتباس:
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: لو لم يكن هذا القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, ولو لم يكن هذا النبي الخاتم والرسول الخاتم موصولا بوحي السماء فمن أين له بهذه المعلومات العلمية الدقيقة التي لم يكن لأحد في زمن الوحي ولا لقرون متطاولة من بعده أدني علم بها؟
هذا الموضوع ما هو إلا تدليس ومن النوع الثقيل، فلا القرآن توصل إلى تصنيف الصخور ولا القرآن تحدث عن تكون تلك الصخور النارية بعد تكون الجبال، ولا يوجد أي وجه إعجازي في الآية أصلاً، وما يفعله الأستاذ الدكتور زغلول النجار هو أنه يسعى بشتى الأساليب المشروعة وغير المشروعة إلى أن يقول آيات القرآن ما لم تقله.
الآية: 27 – 28 سورة فاطر {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور}.
ما الذي تقوله هذه الآية؟
أنها تتحدث عن الماء الذي ينزل من السماء (وهو خطأ – إذا ما تبعنا المنطق الإعجازي - فالماء لا ينزل من السماء، ولكنه ينزل من السحاب، وأنا واثق من أن محمد ومعاصريه لم يفهموا الآية إلا بشكل مجازي، فهم كانوا يدركون دور السحاب في هطول الأمطار).
لتخرج به ثمرات مختلف ألوانها. (وهذه معلومات معروفة ومتوفرة لأي عالم أو جاهل في عصر محمد بل وقبله بملايين السنين).
ثم يروق للقرآن أن يذكر القارئ بالأشياء المختلفة – للدلالة على قدرة الله على تنويع مخلوقاته – فيذكر لنا "جدد الجبال" البيض والحمر وذات الألوان المختلفة والسوداء.
ثم يذكر القرآن الناس والدواب والأنعام المختلفة ألوانها أيضاً.
أي أن، الآية الكريمة لا تذكر أكثر من وجود جدد (أي طرائق) بيض وحمر ومختلفة الألوان في الجبال، ومن وجود صخور جبلية سوداء .. إلخ (ونرجو من الأخوة القراء مراجعة كتب التفسير المتوفرة لديهم).
ومن البديهي أن هذه المعلومات يمكن لأي جاهل أو عالم أن يلم بها في عصر محمد، فكل من شاهد جبلاً يستطيع أن يلم بهذه المعلومات، خاصة في البيئة الصحراوية البدوية.
الخلاصة:
لا يوجد أي شبهة إعجاز حيث أن المعلومات التي تقدمها الآية لا تتجاوز معارف عصر كتابة القرآن قيد أنملة.
بقي أن نشير إلى إحتمال وجود خطأ لغوي في القرآن في قوله "غرابيب سود" لأن توكيد الألوان لا يتقدم فلا نقول قاني أحمر، ولكن نقول أحمر قاني.
وجاء في تفسير القرطبي:
"وغرابيب سود" قال أبو عبيدة: الغربيب الشديد السواد؛ ففي الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: ومن الجبال سود غرابيب. والعرب تقول للشديد السواد الذي لونه كلون الغراب: أسود غربيب. قال الجوهري: وتقول هذا أسود غربيب؛ أي شديد السواد. وإذا قلت: غرابيب سود، تجعل السود بدلا من غرابيب لأن توكيد الألوان لا يتقدم. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبغض الشيخ الغربيب) يعني الذي يخضب بالسواد
قال امرؤ القيس:
العين طامحة واليد سابحة والرجل لافحة والوجه غربيب
وقال آخر يصف كرما:
ومن تعاجيب خلق الله غاطية يعصر منها ملاحي وغربيب
وشكراً للجميع
وكمساهمة مني لإجلاء ما أظنه حقيقة بالقدر المتاح لي في هذا الفضاء الإنترنتي المحدود، حيث أن الصحف المنشورة والقنوات التلفزيونية لا تجرؤ بالطبع إلا على ترديد ما يردده العوام وعرض ما يرغب الجمهور في مشاهدته، سأسعى للرد على ما أقد عليه من هذه المقالات وتوضيح "التدليس" الذي يمارسه الأستاذ الدكتور زغلول النجار في هذا الموضوع.
لا أنوي الإنجرار إلى مناقشات بيزنطية لا طائل من ورائها، لضيق وقتي من ناحية ..ومن ناحية أخرى فما أرغب فيه هو الرد وتوضيح الأخطاء التي يرتكبها الأستاذ الدكتور في مقالاته المنشورة على صفحات الجرائد، وليس الدخول في حوارات مع المتحمسين، ولذلك أتمنى من الأخوة اللادينيين هنا أن يولوا هذه السلسلة بعنايتهم وبدراستها بعين ناقدة فإن كان ما أكتبه صحيحاً فليخبروني وإن كان خطأً فلينبهوني .. حتى نصل سوياً إلى سلسلة من الردود الموضوعية العلمية الواضحة والسليمة.
وبطبيعة الحال .. فالمجال مفتوح لكافة الأخوة المهتمين بالمشاركة في الموضوع وطرح مواضيعهم الخاصة في الرد على كتابات الأستاذ الدكتور زغلول النجار، لكني أتمنى منا جميعاً ألا نستخدم أي ألفاظ تحط من قدر الأستاذ الدكتور زغلول النجار .. كأن يصفه أحد بالفشار مثلاً أو ما شابه من صفات حتى لو كنا نؤمن بأن هذه الأوصاف تنطبق عليه، وتقريباً لن أستخدم معه أي لفظ يحط من شأنه سوى وصف مواضيعه بأنها "تدليس" لأنها فعلاً كذلك من وجهة نظري، ولا أرى لها وصف آخر.
وقبل أن أبدأ في تناول مواضيع الأستاذ الدكتور زغلول النجار أحب أن ألفت النظر إلى أن الرد وتوضيح التدليس على معظم مواضيعه هو أمر يسير بصورة نسبية ولا تتطلب تعمق شديد في مختلف العلوم التي يناقشها أو يطرحها .. ولكنه يتطلب إنتباهاً إلى ما يكتبه وإلى سعيه الحثيث لإقحام مفردات علمية ضخمة وفخمة في موضوع يتناول آيات لا يمكن بأي حال تحميلها بهذه المعاني التي يسعى الأستاذ الدكتور زغلول النجار إلى إلصاقها بها.. كما أن المساحة التي يجب أن يشغلها موضوع الدكتور زغلول النجار الأسبوعي على صفحات جريدة الأهرام تحتم عليه الحشو الزائد كما سيتضح لنا في هذه السلسلة بإذن الله.
في هذا الموقع روابط لكافة مواضيع الأستاذ الدكتور زغلول النجار التي يتجاوز عددها المائة موضوع.
http://web.macam.ac.il/~omarym/mqalat-3.htm
----------------------
ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود
http://www.ahram.org.eg/archive/2002/2/11/OPIN7.HTM
في هذا الموضوع، يناقش الدكتور زغلول النجار الإشارات الكونية في الآية 27 من سورة فاطر، وبعد مقدمة طويلة عن سورة فاطر وعن أوجه الإعجاز التي لا تحصى فيها، ينتقل إلى شرح المفردات اللغوية المستخدمة في الآية، ثم يعرج بنا على أقوال المفسرين القدامى والمعاصرين، لينتقل بعد ذلك إلى عرض موجز لاستخدام كلمة الجبال ومترادفاتها في القرآن، ثم ينتقل إلى شرح جيولوجي للجبال وأخيراً يدخل في الموضوع فيحدثنا عن الجدد الصخرية في علوم الأرض.
ليقول:
اقتباس:
بدأت قشرة الأرض بتبلور الصهير الصخري الذي نتج عن أرتطام أعداد كبيرة من النيازك الحديدية والحديدية الصخرية والصخرية بمادتها الأولية, وبتبلور هذا الصهير الصخري نشأت الصخور النارية الصخور الأولية التي تشكل اليوم حوالي95% من مجموع صخور قشرة الأرض.
وبتعرض الصخور النارية لعوامل التعرية المختلفة من التجوية, والنقل, والتحات( التآكل) بعواملها المتعددة0( من الرياح, والمياه الجارية, والمجالد, والكائنات الحية, وفعل الجاذبية الأرضية) تفتتت تلك الصخور الأولية وتحللت كيميائيا, ونقل هذا الفتات الصخري ليرسب في كل من منخفضات اليابسة والبحار والمحيطات لينكبس ويتماسك ويتصلب علي هيئة الصخور الرسوبية والتي تكون اليوم غطاء رقيقا ينتشر فوق مساحات شاسعة من الأرض علي هيئة الصخور الرسوبية التي تشكل حوالي5% فقط من مجموع صخور القشرة الأرضية.
وبتعرض كل من الصخور النارية والرسوبية لعوامل التحول من الضغط, أو الحرارة, أو لكليهما معا, تحولت تلك الصخور إلي ما يعرف باسم الصخور المتحولة التي تكون اليوم نسبة ضئيلة جدا من مجموع صخور القشرة الأرضية. وبتعرض الصخور المتحولة لمزيد من الحرارة تنصهر متحولة الي صهارة صخرية تعاود دورتها المعروفة باسم دورة الصخور.
وقد تنقطع هذه الدورة عند أية مرحلة من مراحلها, أو تتجاوزها إلي المرحلة التالية من مثل تحول الصخور النارية مباشرة الي الصهير الصخري عبر الصخور المتحولة أو متجاوزة لمرحلتها, أو دخول أي من الصخور الرسوبية والمتحولة في دورة تعرية جديدة دون الوصول إلي مرحلة الصخور النارية.
وعندما تندفع الصهارة الصخرية في القشرة الأرضية من نطاق الضعف الأرضي, فإنها إما أن تندفع إلي سطح الأرض علي هيئة الثورات البركانية, مكونة الطفوح البركانية, وإما أن تتداخل في أعماق القشرة الأرضية حتي تتبلور وتجمد علي هيئة المتداخلات النارية التي قد ترفعها الحركات الأرضية إلي سطح الأرض ومنها الحركات البانية للجبال, فتعريها عوامل التعرية وتكشفها للناظرين بعد ملايين السنين.
والمتداخلات النارية تأخذ أشكالا وأحجاما متعددة منها المتداخلات المستوية( اللوحية الشكل) ومنها الكتلية, ومنها المتوافق مع الصخور المتداخل فيها, ومنها غير المتوافق, والأول يتداخل متوازيا مع بنيات الصخور المضيفة من مثل مستويات التطبق في الصخور الرسوبية, والثاني يتداخل في الصخور قاطعا لبنياتها.
ومن المتداخلات المستوية الجدد وتتكون باندفاع الصهارة إلي داخل الشقوق والفواصل ومستويات التطبق وغيرها, ومنها الجدد القاطعة إذا كانت رأسية أو مائلة, والجدد الموازية( المتوافقة) وهي أفقية أو مائلة وموازية لمستويات التطبق, وغير ذلك من البنيات الأساسية للصخر المضيف. ومن المتداخلات النارية غير المتوافقة بقايا غرف الصهير العملاقة( الباثوليثات) والتي تعتبر أضخم المتداخلات النارية حجما إذ تمتد لآلاف الكيلو مترات وتكون قلوب الجبال, وتتكون غالبا من الصخور الجرانيتية الدايوريتية.
ومن المتداخلات النارية الكتلية المتوافقة أجسام عدسية الشكل تعرف باسم اللاكوليثات سطحها العلوي محدب إلي أعلي, وسطحها السفلي أفقي تقريبا مما يعكس اتجاه اندفاع الصهير من أسفل إلي أعلي.
ثم يفاجئ القارئ بعد هذه المداخلة العلمية الدسمة بالدكتور زغلول النجار يضع هذه الجملة:
اقتباس:
المعجزة العلمية في سبق القرآن الكريم بالاشارة إلي ألوان الجدد باللون الأبيض والأحمر والأسود
فأين هي مواضع الإعجاز التي يشير إليها الدكتور؟
أولا- العلوم الحديثة تشير إلى أن المتداخلات النارية قد تشكلت بعد تشكل صخور الجبال، والقرآن يشير إلى إختلاف ألوان الجدد عن الجبال، أي أنها ليست جبال.
ثانيا- العامل الرئيسي في تصنيف الصخور النارية هو تركيبها الكيميائي والمعدني وذلك ينعكس على ألوانها.
وبعد أن يحدثنا الدكتور زغلول النجار عن تصنيف الصخور إلى حامضية ووسطية وقاعدية وإنعكاس ذلك على ألوانها يضع هذه الفقرة:
اقتباس:
وهذا التصنيف لم يصل إليه العلماء إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين بعد مجاهدة استغرقت آلاف العلماء, وآلاف الساعات من البحث المضني, وسبق القرآن الكريم بالإشارة إليه في هذه الأية الكريمة بهذه الدقة البالغة التي تجمع الجدد البيضاء والحمراء في جهة, تعبيرا عن الصنف الاول من الصخور النارية( عائلة الجرانيت), ثم تضيف هذه الإضافة المعجزة مختلف ألوانها لتعبر عن كل مراحل الانتقال في هذه المجموعة الحامضية وفوق الحامضية, ومنها إلي الصخور ذات التركيب الوسطي( مجموعة الصخور الدايوريتية), وتخص المجموعة القاعدية وفوق القاعدية بهذا الوصف المبهر وغرابيب سود( مجموعة صخور الجابرو والبريدوتايت).
ثم يختم موضوعه بطريقته المعتادة:
اقتباس:
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: لو لم يكن هذا القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, ولو لم يكن هذا النبي الخاتم والرسول الخاتم موصولا بوحي السماء فمن أين له بهذه المعلومات العلمية الدقيقة التي لم يكن لأحد في زمن الوحي ولا لقرون متطاولة من بعده أدني علم بها؟
هذا الموضوع ما هو إلا تدليس ومن النوع الثقيل، فلا القرآن توصل إلى تصنيف الصخور ولا القرآن تحدث عن تكون تلك الصخور النارية بعد تكون الجبال، ولا يوجد أي وجه إعجازي في الآية أصلاً، وما يفعله الأستاذ الدكتور زغلول النجار هو أنه يسعى بشتى الأساليب المشروعة وغير المشروعة إلى أن يقول آيات القرآن ما لم تقله.
الآية: 27 – 28 سورة فاطر {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور}.
ما الذي تقوله هذه الآية؟
أنها تتحدث عن الماء الذي ينزل من السماء (وهو خطأ – إذا ما تبعنا المنطق الإعجازي - فالماء لا ينزل من السماء، ولكنه ينزل من السحاب، وأنا واثق من أن محمد ومعاصريه لم يفهموا الآية إلا بشكل مجازي، فهم كانوا يدركون دور السحاب في هطول الأمطار).
لتخرج به ثمرات مختلف ألوانها. (وهذه معلومات معروفة ومتوفرة لأي عالم أو جاهل في عصر محمد بل وقبله بملايين السنين).
ثم يروق للقرآن أن يذكر القارئ بالأشياء المختلفة – للدلالة على قدرة الله على تنويع مخلوقاته – فيذكر لنا "جدد الجبال" البيض والحمر وذات الألوان المختلفة والسوداء.
ثم يذكر القرآن الناس والدواب والأنعام المختلفة ألوانها أيضاً.
أي أن، الآية الكريمة لا تذكر أكثر من وجود جدد (أي طرائق) بيض وحمر ومختلفة الألوان في الجبال، ومن وجود صخور جبلية سوداء .. إلخ (ونرجو من الأخوة القراء مراجعة كتب التفسير المتوفرة لديهم).
ومن البديهي أن هذه المعلومات يمكن لأي جاهل أو عالم أن يلم بها في عصر محمد، فكل من شاهد جبلاً يستطيع أن يلم بهذه المعلومات، خاصة في البيئة الصحراوية البدوية.
الخلاصة:
لا يوجد أي شبهة إعجاز حيث أن المعلومات التي تقدمها الآية لا تتجاوز معارف عصر كتابة القرآن قيد أنملة.
بقي أن نشير إلى إحتمال وجود خطأ لغوي في القرآن في قوله "غرابيب سود" لأن توكيد الألوان لا يتقدم فلا نقول قاني أحمر، ولكن نقول أحمر قاني.
وجاء في تفسير القرطبي:
"وغرابيب سود" قال أبو عبيدة: الغربيب الشديد السواد؛ ففي الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: ومن الجبال سود غرابيب. والعرب تقول للشديد السواد الذي لونه كلون الغراب: أسود غربيب. قال الجوهري: وتقول هذا أسود غربيب؛ أي شديد السواد. وإذا قلت: غرابيب سود، تجعل السود بدلا من غرابيب لأن توكيد الألوان لا يتقدم. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبغض الشيخ الغربيب) يعني الذي يخضب بالسواد
قال امرؤ القيس:
العين طامحة واليد سابحة والرجل لافحة والوجه غربيب
وقال آخر يصف كرما:
ومن تعاجيب خلق الله غاطية يعصر منها ملاحي وغربيب
وشكراً للجميع
الكاتب: حيران
المصدر منتدى اللادينيين العرب