الأحد، 17 أكتوبر 2010

ماني يرث زرادشت ومحمد ورثهما

المصدر: شبكة الملحدين العرب « في: 29/05/2006, 16:59:14 »
--------------------------------------------------------------------------------

أعزائي الزملاء (أرى ضرورة قراءته للأخوة اللذين لم يسبق لهم القراءة عن المانوية وخاصة أوجه التشابه بعد التمهيد)
ملاحظة: أغلب ما أورد في المبحث أوجه التشابه بين المانوية والإسلام

أطرح موضوع السيد النبي (ماني بن فاتك المولود بعد ولادة السيد المسيح بـ216 عام) مستمدا ذلك من المراجع المدونة أدناه وآمل من الاخوة الاستمتاع ولأهمية الموضوع ولكثرة التسجيل من قبل أعضاء جدد بالمنتدى (أتمنى لهم التوفيق) ولضيق الوقت لم ألخصه بشكل أفضل وأقصر لذا أوردت أوجه التشابه بين الديانتين برأس الموضوع وتركت التفاصيل الأخرى لمن يستمتع بالقراءة ولكم مني أجمل تحية (للمزيد والتفصيل بشكل أكبر / المراجع أدناه)



تمهيد موجز:
رغم قلة الوثائق وعمليات التعتيم والتشوية، إلا ان هنالك معلومات اساسية يتفق عليها جميع المؤرخون:
ولد (ماني) في 14 نيسان عام 216 ميلادية، قرب (المدائن) التي كانت مركز ولاية بابل والعاصمة الثانية للأمبراطورية الإيرانية. ولهذا يطلق على هذا النبي لقب (ماني البابلي
اسمه( ماني بن فاتك ـ او فاتق) وامه اسمها(مريم)، وانه ولد في 14 نيسان عام 216 ميلادي في ولاية بابل(وسط العراق) في احدى القرى القريبة من (المدائن)، ولهذا يطلق عليه لقب( ماني البابلي). ويقول عنه المؤرخ العراقي العباسي (ابن النديم) في ( الفهرست): ((نبي الله الذي أتى من بابل)). وكان دين عائلته عراقي قديم( عبادة الكواكب). وفي سن الرابعة رحل به أبوه إلى احدى قرى ولاية (ميسان) في جنوب العراق. هناك نشأ (ماني) على الدين الصابئي. وفي سن الشباب أخذ (ماني) يتنقل في أنحاء النهرين واستقر في (المدائن) جنوب بغداد حيث انشأ كنيسته التي اطلق عليها (كنيسة بابل) واصبحت المرجعية العليا لجميع الكنائس المانوية في جميع انحاء العالم من الصين حتى اسبانيا بلاد الغال. واللقب الذي كان يُعرف به هو (ماني حيا) أي (ماني الحي)، ومنه أتى المصطلح اللاتيني لهذا الدين (Manicheisme) أي (ماني- حيا- سيم). (لمزيد من التفاصيل راجع الموسوعة الكونية الفرنسية - جزء 11-ص646).

لكن مشكلة تحديد هوية هذا الدين وصانعه (ماني)، تبدأ عند الحديث عن الشعب والحضارة اللذين ينتمي إليهما. بكل بساطة تم اعتباره إيرانياً فارسياً لأنه ظهر في العراق بينما كانت تابعا للأمبراطورية الايرانية. مثلما تم اعتبار المسيح وتراث المسيحية جزءاً من تاريخ روما، لأن المسيحية نشأت في الشام في ظل السيطرة الرومانية!
ثم إن (الثنوية) التي اعتقدت بها المانوية لم تكن ايرانية، كما تصور خطأ الكثيرين من المؤرخين، بل هي أساس المعتقدات العراقية والشامية. كان هناك دائماً آلهة للخير والنور بأسماء متنوعة مثل (تموز وبعل وشمش وإيل ومردوخ وآشور)، تقابل آلهة الشر مثل (نرجال وأريشكيجال وايرا وموت). وثنائية الخير والشر هذه وجدت تعبيرها في الأديان السامية السماوية من خلال مفهوم الله رمز الخلق والخير والنور، والشيطان رمز الشر والخطيئة والظلام. (راجع السواح-مغامرة العقل-ص197).
كذلك يتفق المؤرخون جميعهم على ان اللغة الأم للنبي (ماني) ولغة كتبه السبعة وإنجيله المقدس، هي (اللغة السريانية) العراقية. وقد ترجمت جميع كتبه فيما بعد الى اللغات الفارسية والتركية (الايغورية) واليونانية واللاتينية والقبطية. ومن بين الاقوال القليلة التي توثقت لهذا النبي، ثمة القول التالي الذي يحدد فيه الهوية العراقية لدينه: (( إن الحكمة والمناقب لم يزل يأتي بها رسل الله بين زمن وآخر، فكان مجيئها في زمن على يد الرسول (بوذا) إلى بلاد الهند، وفي زمن على يد (زرادشت) الى أرض فارس، وفي زمن على يد (عيسى) إلى أرض المغرب (الشام). ثم نزل هذا الوحي وجاءت النبوة في هذا الزمن الأخير على يديّ أنا (ماني) رسول إله الحق الى أرض بابل...))(راجع-إيران في عهد الساسانيين - ص 172). ثم إن الأكثر من كل هذا، إصرار (ماني) على جعل بابل مقر الكنيسة الأم ومركز المرجعية الدينية والحوزة العلمية لجميع الطوائف المانوية في العالم، وبقي هذا التقديس الخاص لبابل لدى المانويين حتى نهايتهم بعد ألف عام.
ديانة صوفية
يمكن اعتبار المانوية ديانة تصوف (عرفانية، غنوصية) متطرفة في الزهد والتنسك وتقديس الموت واحتقار ماديات الحياة. وهذه هي نقطة الضعف الاساسية في هذا الدين. في اليهودية والمسيحية والاسلام، هنالك زهد وتنسك ورهبنة، لكن يبقى هذا الجانب يمثل صفوة مختارة، اما غالبية رجال الدين والمؤمنيين فهم يعيشون حياة واقعية وعملية حسب الظرف السائد. بينما المانوية اصرت ان تكون باجمعها وبكل اعضاء مؤسستها الدينية، تمارس الزهد والتصوف والعزلة.
يمكن تلخيص (المانوية) بالعقيدة التالية: إن الخطيئة ترتكب بثلاث وسائل: القلب (النية) والفم (الكلمة) واليد (الفعل). لهذا فإن وصايا (ماني) كانت : ((لا ترتكب الخطيئة، لا تنجب، لا تملك، لا تزرع ولا تحصد، لا تأكل لحماً ولا تشرب خمراً)). صحيح ان هذه الوصايا لا يستوجب تطبيقها من قبل جميع أتباع المانوية، إنما فقط من قبل النخبة الدينية، إلا انها تبقى قاسية وشبه مستحيلة، وبالتالي شكلت المانع الاول والاكبر بايجاد ما يكفي من الرجال القادرين على الانتماء للسلك الديني المانوي.
ماني وامه
عاش (ماني) تجربة قاسية ناحية امه، إذ امضى طفولته محروما منها، بل محروما من حنان الانوثة بصورة تامة. وتبدأ المعانات عندما تخلي ابوه عن ديانته العراقية القديمة، واعتنق ديانة روحانية جديدة، اما ان تكون الصابئية نفسها او طائفة منشقة عنها. وكانت الصابئية عموما منتشرة بكثرة في جنوب العراق. والمشكلة ان هذا الطائفة المحسوبة على الصابئية التي انتمى اليها (فاتك) كانت تعادي المرأة وتعتبرها (رجسا من عمل الشيطان)، وترفض اي اتصال بها او تقرب منها، بل ترفض حتى دورها الامومي! لهذا ما ان بلغ الطفل (ماني) عمر اربع سنوات، حتى اتى ابيه(فاتك) من (ميسان) حيث كان منعزلا مع طائفته، واخذه من امه مريم، ليعيش معه هناك في حياة الزهد والتعبد، بعيد عن الحياة( الفاسقة!)، وعن المرأة خصوصا!
بقي (ماني) صابئياً حتى سن الواحدة والعشرين، بعدها بدأ تأثره مباشرة بالمسيحية وخصوصاً بالتجربة الحياتية للسيد المسيح وعذابات صلبة. وتذكر التقاليد المانوية أنه في سن الرابعة والعشرين، في 23 نيسان 240م. تلقى (ماني) رسالة النبوة من الله بواسطة الملاك ( توما ـ توأم) على أنه هو (الروح القدس) الذي بشر به (النبي عيسى). حينها بدأ (ماني) يعلن أنه (نبي النور) و(المنير العظيم المبعوث من الله). نتيجة هذا تم طرده من طائفته.
رحل (ماني) مع أبيه وإثنين من أصحابه إلى (المدائن)، منها قام بأول رحلة عبر بلاد فارس ثم الى الهند وبعدها إلى بالوشستان، حيث عاين ودرس الأديان السائدة من زرادشتية وبوذية وهندوسية. بعد عامين (242م) عاد (ماني) إلى ميسان بحرا عبر الخليج.
بعد ان انتشرت دينته في كل مكان، وفي تاريخ غير محدود بصورة تامة، بين (274-277) ميلادية، تم صلب (ماني) على أحد أبواب مدينة بيت العابات (جندشابور) في الأحواز. تم ذلك بقرار من الامبراطور الفارسي (برهام الأول) لأسباب سياسية طبعاً وبعد تحول (بابل) إلى مركز لدين عالمي واحتمال استعادتها من جديد لأمجادها السابقة، وما يشكله هذا من خطر على النفوذ الايراني. كذلك خوف رجال الدين الزرادشتيين الذين نقموا على (ماني) بسبب تأثيره المتزايد. لقد عذب (ماني) وصلب وقطعت أطرافه ثم احرقت جثته ونثر رماده. لكن المانويين ظلوا يعتقدون بصعوده إلى السماء مثل السيد المسيح، ويعتبرون هذا اليوم مقدساً يصومون خلاله ثلاثين يوماً في شهر نيسان.

==== أوجه التشابه بين ماني بن فاتك ومحمد بن عبدالله:

1- ظهور الملاك له

زعم ماني ان ملاكا من عند الله اسمه (القرين) ظهر له وابلغه ان الله اصطفاه واختاره نبيا للعالم اجمع , بل جعله آخر الأنبياء ليهدى به الضالين والذين حرفوا أديان الأنبياء السابقين أمثال المسيح وزرادشت وبوذا.

وجاء محمد فقال للناس أن الملاك جبريل(وهو من الملائكة التى قال بها مانى نقلا عن اليهودية والمسيحية) نزل إليه بكتاب { نزل به الروح الأمين} الشعراء 193 ليهدى به الناس كافة وليصحح أديان الأنبياء السابقين ، ومن بينهم عيسي .

ويلاحظ ان فى زعم كلا من ماني ومحمد ، ان ملاكا ظهر لهما فأوحى لهما وحي الله ، محاولة منهما لإضفاء المصداقية والصبغة الإلهية على دعوتهما

2- خاتم الأنبياء والمرسلين

كما أبلغ الملاك مانى بأنه خاتم الأنبياء ، نرى محمد يكرر نفس الزعم قائلا ان الملاك جبريل ابلغه انه خاتم الأنبياء والمرسلين , وان الله انزل عليه وحي السماء(القرآن) ليهدى به المشركين والكفار والضالين من أهل الكتاب.فمحمد هو خاتم النبيين
ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما} الأحزاب 40,

3 - نبي الهداية والحق

زعم مانى انه رسول الهداية والحق ومن أقواله :

ثم نزل هذا الوحي وجاءت هذه النبوة فى هذا القرن الأخير على يدىَّ أنا "مانى" رسول إله الحق إلى أرض بابل

وقال أيضا: { إني جئت من بلاد بابل لأبلغ دعوتي للناس كافة

وكذلك زعم محمد نفس الزعم وقال أن الكتاب الذى نزل عليه فيه الهداية والنجاة للناس كما تقرر هذه الآيات:

إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا} الإسراء 9

لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} النور 46

ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد} سبا 6

قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} الإسراء 88

4- السابقون المحرفون

زعم مانى أن اتباع الرسل السابقين حرفوا تعاليمهم ،مما جعل الله يرسل خاتم رسله ليصحح العقائد الفاسدة المحرفة ويهدى الناس للحق .

ولقد نهج محمد نفس النهج تبريرا لنبوته ودعوته ، وقال بتحريف اليهود والنصارى للكتب التى أنزلها الله على أنبيائه السابقين ، وفى ذلك يقول القرآن:

أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون}البقرة 75

من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا}النساء 46

فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين}المائدة13

يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم}المائدة41

5- تحريم الأوثان

حرم ماني عبادة الأوثان,وهذا نفسه ما حرمه محمد
فاجتنبوا الرجس من الأوثان} الحج 30

{ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} المائدة 90

6 - بشارة المسيح بنبي يأتي من بعده

وزعم ماني ان المسيح تنبأ أن نبيا من بعده(البارقليط) سيرسله الله ، فقال انه هو هذا النبي.
وجاء محمد وزعم نفس الشىء بان قال انه هو النبي ، بل جعل المسيح يذكر اسمه تحديدا :
{وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}الصف 6

7 - تحريم الخمر

حرَّمت المانوية الخمر ، وجاء الاسلام فحرمها بالتدريج:
يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون}البقرة 219

يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}المائدة90

إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}المائدة91

8 - وما قتلوه وما صلبوه
قال مانى ان المسيح لم يصلب لانه كان ذا طبيعة روحانية ، وانتقل هذا المذهب المانوى الغنوصى الى الإسلام حيث كرر محمد أن المسيح لم يقتل ولم يصلب :

وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا}النساء157
وهذا يدل دلالة واضحة على تأثر محمد بالعقائد الغنوصية ومن بينها المانوية.فتلك العقائد كانت منتشرة فى كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط قبل محمد بمئات السنين. انظر بالتفصيل دراستنا بعنوان :
مذهب الدوسيتية الغنوصى و "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم"
على هذا الرابط
http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?fid=5&tid=19050&sid=

10 - الصلاة والصوم والركوع والزكاة

كان مانى يؤكد على المحافظة على الصلاة والصوم والزكاة والسجود،وهو نفس ما أكد عليه محمد فى القرآن.ولقد كان المانويون يصلون أربع مرات فى اليوم ،أما محمد ففرض خمس صلوات. وكان يأمر مانى اتباعه ان يسجدوا اثنتي عشر مرة كل صلاة ، وبالمثل فعل محمد ، لكنه قلل من عددها.

وهذه هى بعض من الآيات الكثيرة التى يدعو فيها محمد للحفاظ على الصلاة والصوم والسجود والزكاة:

حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}البقرة238

وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين}البقرة43

وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما بصير}البقرة110

إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}البقرة277

إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} المائدة 55

قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال}ابراهيم31

{يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} البقرة183

11 - الوضوء والتيمم

فرض مانى الوضوء بالماء الجارى قبل الصلاة ، وفى حالة تعذر الماء سمح لهم بالتطهر بالرمل او ما شابهه ، وهذا ما فعله محمد بالتمام فقال بالوضوء بالماء وبالتيمم ، وفى ذلك قال :

يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون}المائدة 6

12 - المرأة شر

نظرت المانوية للمرأة باعتبارها مصدر غواية للرجل ، مصدرا مظلما للشهوات المادية والجسدية التى تحرم الرجل من الصفاء الروحى الذى بدونه لن يستطيع الاتصال بالنور الإلهي.ويبدو ان مانى تأثر فى هذه الفكرة بالتراث اليهودي والمسيحي الذى قال ان الخطيئة الأولى كان ورائها حواء التى أغوت آدم فى الجنة .

ولقد انتقلت هذه الفكرة للإسلام سواء عن طريق اليهودية أو المسيحية أو المانوية.فينسب لمحمد أقوال كثيرة ترى فى المرأة مصدرا للشر والغواية وأنها عميل الشيطان مثل الأحاديث : ما اجتمع رجل وامرأة إلا وثالثهما الشيطان ، وان اكثر سكان النار من النساء. الخ


12 - الأخلاق

الدعوة للأخلاق كانت من السمات الأساسية للفكر الدينى بوجه عام .فجاءت الوصايا العشر فى التوراة توصى الإنسان ألا يقتل أو يسرق أو يزنى أو يكذب (الخروج 20 ) .وقالت المسيحية بنفس الشيء.وكذلك دعا مانى الى نفس المبادئ.وكان طبيعيا أن ينادى محمد هو أيضا بهذا الميراث الأخلاقي القديم.

13 - رسائل الى ملوك وحكام العصر

أرسل مانى رسائل الى حكام عصره يشرح فيها دعوته ويدعوهم للإيمان بها ، وتروى لنا كتب السيرة والتفاسير والتاريخ الإسلامية نفس الشىء عن محمد الذى أرسل الرسائل الى حكام عصره ، فقيل انه أرسل الى كسرى فارس وإمبراطور الروم ومقوقس مصر يدعوهم للإيمان بدعوته وبنبوته.

14 - منهج مزج العقائد المختلفة

واخيرا نلفت الانتباه الي التشابه الشديد لمنهج ماني ومنهج محمد في تأسيس ديانتهما.فكما أن ماني مزج بين عقائد البوذية والمسيحية والزرادشتية, كذلك قام محمد بمزج المعالم البارزة للعقائد المنتشرة حينئذ في بلاد العرب وما حولها مثل العقائد المسيحية متعددة المذاهب والتي صدر عنها عشرات الفرق الباطنية الغنوصية (الهرطقات) والعقائد البدوية الوثنية التى تغلغلت في نفوس العرب(مثل عادة وثنى العرب في الحج وطقوسه) والعقائد اليهودية والزرادشتية والمانوية وغيرها.
تمهيد موسع:
المانوية من الديانات الثنوية أي تقوم على معتقد أن العالم مركب من أصلين قديمين أحدهما النور والآخر الظلمة، وكان النور هو العنصر الهام للمخلوق الأسمى وقد نصب الإله عرشه في مملكة النور، ولكن لأنه كان نقيا غير أهل للصراع مع الشر فقد استدعى "أم الحياة" التي استدعت بدورها "الإنسان القديم" وهذا الثالوث هو تمثيل "للأب والأم والابن"، ثم إن هذا الانسان والذي سمي أيضا "الابن الحنون" اعتبر مخلصا لأنه انتصر على قوى الظلام بجلده وجرأته، ومع ذلك استلزم وجوده وجود سمة أخرى له وهي سمة المعاناة، لأن مخلص الإنسان الأول لم يحقق انتصاره إلا بعد هزيمة ظاهرية. و يعد موضوع آلام الإنسان الأول وتخليصه الموضوع الرئيسي في المثيولوجيا المانوية، فالإنسان الأول هو المخلص وهو نفسه بحاجة للافتداء.
والملاحظ من ذلك شبه المانوية للغنطوسية (العرفانية)، والغنطوسية هي مصطلح عام يطلق على سلسلة عريضة من نظم التأملات الدينية التي تتماثل في نظرتها إلى أصل الإنسان. وهي تعد هرطقة من الهرطقات المسيحية وهي سابقة على المسيحية. وجميع الديانات الغنطوسية تعتمد عقيدة الخلاص (الفداء) وأداة الخلاص هي (غنطس) التي تعني المعرفة أو (العرفان) وهذه المعرفة تهتم بفهم الأشياء المقدسة وكيفية الخلاص، والغنطسة لا تتحصل عن طريق العقل وإنما من خلال نوع من الإلهام الداخلي.
و قوام الخلاص هو تحرير الروح من سجنها الجسدي فبذلك يمكنها أن تصعد لله، هذا وقد سبب لها تعايشها الطويل مع الجسد نسيان أصلها السامي أي سبب لها الجهل، والخلاص من الجهل هو المعرفة، ولذلك هو بحاجة للمخلص والذي سمى "ابن الله" أو "يسوع". والجسد ورغباته شر لأنهما يمنعان الروح من الخلاص ولذلك تشجع المانوية على الزهد والرهبنة.
تحرم المانوية كل ما من شأنه تشجيع شهوات الجسد الحسية، وبما أن اللحم ينشأ من الشيطان فلذلك كان محرما، فالمانوية أعدوا ليعيشوا على الفواكه وخاصة البطيخ، كما أن الزيت مستحسن. أما الشراب فقد كان عصير الفواكه هو الاختيار الأول وفرض اجتناب تناول كمية كبيرة من الماء لأنه مادة جسدية، كما حرم عليهم قتل الحيوانات والنباتات ومن يفعل ذلك فإنه سيعاقب بولادته من جديد الشيء الذي قتله، فرض عليهم التخلي عن الزواج والمعاشرة الجنسية التي تعتبر شيئا شريرا كما عد الإنجاب أسوأ منها بكثير. وحدهم «المجتبون» هم الذين تمكنوا من تنفيذ هذه الوصايا، أما «السماعون» فقد أوكل إليهم القيام بالأعمال المحظورة على المجتبين وتزويدهم بالطعام، ويترافق تناول تلك الأطعمة بإعلان براءة المجتبين من ذلك الفعل. مثال على قول أحدهم عند أكله للخبز: «لم أحصدك ولم أطحنك ولم أعجنك ولم أضعك في الفرن بل فعل ذلك شخص آخر وأحضرك إلي فأنا أتناول دونما إثم.» كما أن ممارسة الاعتراف والتوبة قانون هام.
ذكر أيضا وجود التعميد المانوي والعشاء الرباني أو «الوليمة المقدسة» والتي كانت في نهاية الشهر الثاني عشر أو نهاية شهر الصوم المانوي وكان محور هذا العيد هو تذكر وفاة ماني وهذه المعتقدات تشبه مثيلاتها عند المسيحية.
وصف المانويين بالزندقة وكلمة "زنديق" هي كلمة فارسية دخيلة مشتقة من "زنديك" وتعني أتباع "زند"، وتشير إلى النوع الخاص من التقاليد المكتوبة الثابتة التي تنتمي إلى الشكل المجوسي من شيز، وإنما وصف المانوية بهذا الإسم كدلالة على أنهم أتباع تقاليد هرطقية -إذ أن كلمة زنديق قد حازت على هذه الدلالة في العصور الساسانية- ولأنهم ربطوا مع ديانة المجوس.
تقهقرت واندثرت الديانة المانوية، أما في الغرب فبسبب عجز المانوية في مناقشاتها مع علماء اللاهوت المتدربين فلسفيا على عكس المانويين، وفي الشرق الأوسط فبانتشار الإسلام وفي الشرق الأقصى فبمعارضة البوذيين والكنفوشيين والمغول لها. هناك رواية للكاتب أمين معلوف بعنوان (حدائق النور ) تدور حول ماني والمانوية وهي مترجمة عن الفرنسية.
ويعتبر آرثر كريستنسنArthur Christensen من اعظم الثقات فى تاريخ إيران القديمة وآدابها وتراثها
يقول كريستنسن:

" وكان (مانى) يرى الوحي عدة مرات فى صورة ملاك اسمه القرين، فكان يكشف له عن الحقائق الإلهية.ثم بدأ يعلن دعوته. وزعم مانى أنه الفارقليط الذى بشر به عيسى عليه السلام" ص172
"إني جئت من بلاد بابل لأبلغ دعوتي للناس كافة"
السابق ص172
ويقول الباحث :

"ادعى (مانى) انه أتى لتكميل كلام الله وأنه خاتم الأنبياء" ص 172
"وفى نهاية عمر الدنيا . . . يضع الملكان اللذان يحملان السماء والأرض أحمالها فتقع ، وينقض كل شىء وتشتعل النيران من وسط هذا الاضطراب وتمتد فتحرق العالم كله "
ويفصل بين الجنة والنار جدار لا يمكن عبوره:

"ويقام جدار لا يعبر بين العالمين،وتسعد مملكة النور بسلام أبدى" ص179

أراد مانى أن تكون دعوته دعوة عالمية
أنكر مانى موت وعذاب المسيح على الصليب لانه كان فى اعتقاده أن المسيح روح كان يلبس جسدا ظاهرا (وهمي)،ويلخص الباحث ذلك:
"ومهما يكن فان عيسي المانوية غير عيسي الذى صلبه اليهود.فعذاب عيسي ، ولم يكن إلا فى الظاهر،كان عند مانى رمزا لاستعباد روح النور فى العالم السفلي.وعيسي الحقيقي عند مانى هو الإله الذى أرسل من عالم النور ليرشد آدم وليريه الطريق المستقيم" ص 181

وكان أتقياء المانوية مكلفين بنشر الدين وهداية كافة الشعوب والدعوة للأخلاق وتحريم الخمر.
وكان للمانويين فروض وشعائر دينية وجب أداؤها ،لخصها الباحث قائلا:
" وكان على المؤمنين عامة أداء العشر، والمحافظة على الصيام والصلاة.وكانوا يصومون سبعة أيام كل شهر , ويصلون أربع مرات فى اليوم،على أن يتطهروا قبل الصلاة بالماء الجاري أو ، فى الضرورة ، بالرمل ، أو بما يماثله ، وان يسجدوا اثنتي عشرة مرة فى كل صلاة . . . وقد كانت الزكاة فرضا"ص183-184
كتب مانى رسائل لرؤساء وملوك العالم يدعوهم فيها للإيمان بدعوته.يقول الباحث:
"وقد ذهب الى الهند والصين داعيا بمذهبه فى كل مكان ومؤلفا للكتب والرسائل التى بعثها الى الرؤساء والجماعات فى بابل وإيران وبلاد المشرق" ص186

وكتب مانى كتب كثيرة شرح فيها دعوته ، ومن بين هذه الكتب كتاب أطلق عليه الإنجيل:
"الذى يحتوى على اثنين وعشرين بابا،عدد الابجدية السريانية ، وهو يعتبر الفلسفة الدينية الحقيقية التى أنزلها على ذوى الإرادة الطيبة المُخلص الإلهي" ص188

كانت المانوية خطرا كبيرا على المسيحية مما أدى بكبار الكتاب المسيحيين الى التشنيع بمانى وأتباعه ، ووصفوهم بأبشع الألفاظ واتهموهم بالكفر واللواط والقسوة
وجاء فى دائرة المعارف البريطانية: "مترجم"
اعتبر مانى نفسه المبعوث الخاتم لسلسلة من الانبياء بدأت بآدم وضمت بوذا وزرادشت ويسوع ( عيسى )."

"رأى مانى نفسه كمبعوث برسالة عالمية كان مقدرا لها ان تحل محل كافة الاديان"

وجاء فى موسوعة Microsoft Encarta Encyclopedia 2000 الإلكترونية هذه المقتطفات التى قمنا بترجمتها:

" بين الثانية عشر والرابعة والعشرين انتابت ماني رؤي لاحد الملائكة ابلغه فيها انه سيكون نبيا جديدا لوحي السماء الاخير …أعلن ماني انه هو خاتم الأنبياء...امتنع اتباعه من طائفة "المختارين" عن شرب الخمر..."

المانوية -أو المنانية كما ذكر النديم في الفهرس- ديانة تنسب إلى ماني بن فتك المولود في عام 216 م في بابل. وقيل أن الوحي أتاه وهو في الثانية عشر من عمره.
حاول ماني إقامة صلة بين ديانته والديانة المسيحية وكذلك البوذية والزرادشتية، ولذلك فهو يعتبر كلاً من بوذا وزرادشت ويسوع أسلافاً له، وقد كتب ماني عدة كتب من بينها إنجيله الذي أراده أن يكون نظيرا لإنجيل عيسى. أتباع المانوية هم من تعارف عليهم أولا بإطلاق لقب الزنادقة.
تأثر الاسلام بالمانوية

بعد هذه الجولة السريعة والقصيرة فى مصادرنا التى اعتمدنا عليها فى هذا البحث ، يتضح ان بين ماني وديانته من ناحية , ومحمد والاسلام من ناحية أخرى علاقة كبيرة في بعض الأوجه, حيث يتضح مدى تأثر الإسلام بالفكر الديني المانوى الذى كان منتشرا في أنحاء متعددة من بقاع العالم , بما فيها بلاد العرب.

فلقد شهدت بلاد العرب ومصر وسوريا وآسيا الصغري رواجا للديانة المانوية وانتشرت أفكارها انتشارا كاد يهدد المسيحية من القرن 3 الي القرن 13. لذلك عندما ظهر محمد في أواخر القرن السادس وبداية القرن السابع, كانت المانوية معروفة لاكثر من 300 سنة.لذلك نجد في عقائد الاسلام صدى واضح لما زعمه مانى.

الكاتب: حيران
هذه المواضيع لا تمثل بالضرورة رأي ناشرها - أثير العاني

يسمح بإعادة النشر بشرط ذكر الرابط المصدر أو إسم الكاتب