الكاتب: كامل النجار
المصدر في الحوار المتمدن
كل الأديان، وخاصة الدين الإسلامي، اتخذت من العوامل الطبيعية التي لم تكن مفهومه للقدماء، وسيلة لإقناعهم بأن إله السماء هو الذي يتحكم في الرياح والأمطار والحياة والموت. وبالغ القرآن في الاعتماد على هذه الظواهر ونسبها كلها لله وجعلها منطقه الوحيد لإقناع الناس بوجوده. ولكن الآن مع تقدم العلم اتضح لنا أن إله السماء غير الموجود، لا يتحكم في الظواهر الطبيعية إنما تتحكم بها قوانين الفيزياء وطبيعة كوكب الأرض.
اعتمد القرآن اعتماداً شبه كلي على المطر والسحاب والرياح والماء لإثبات وجود الله، فقال (هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشيء السحاب) (الرعد 12). وقال كذلك (هو الذي يرسل الرياح يُشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحاباً ثقالاً سقناه لبلد ميتٍ فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات) (الأعراف 57). واستعمل القرآن تلك الكلمات ست وثلاثين مرة، في ثلاثين سورة، كلها مكية ماعدا خمس سور مدنية. ونلاحظ هنا أن محمداًعندما كان ضعيفاً في مكة حاول إقناع الناس برسالته بمنطق السحاب والماء الذي كان يفتقده أهل مكة.
ونحن نعرف الآن أن الهواء عندما يسخن وتزداد حرارته من أشعة الشمس، يتمدد وبالتالي يصبح أخف وزناً ويصعد إلى أعلى فيأتي الهواء من المناطق الباردة ليحل مكانه. ولما كانت الأرض تدور حول محمورها من الغرب إلى الشرق، فإن أغلب الرياح تأتي في أغلب الأوقات من الغرب باتجاه الشرق لأن دوران الأرض يسحبها في ذلك الاتجاه. ولكن في القارات الكبيرة مثل آسيا، عندما يعصد الهواء الساخن تأتي الريح مندفعة من الغرب والشرق لتملأ الفراغ الكبير الذي تركه الهواء الصاعد بكميات كبيرة.
ولأن الرياح غالباً تأتي من الغرب وتصطدم بسلسة الجبال التي أغلبها في الجانب الغربي من القارات، ترتفع الرياح والسحاب المشبع بالرطوبة فوق الجبال. وكلما ارتفع أكثر كلما برد وانكمش وتساقطت الرطوبة التي يحملها في شكل أمطار. ولذلك نجد الأمطار في غرب الولايات المتحدة أكثر منها في شرقها. وفي إنكلترا واسكتلندا كذلك نجد أن الرياح ترتفع فوق المرتفات الغربية وتهطل الأمطار بكثرة في غرب البلدين. وعندما تصل الرياح الغربية إلى بحر الشمال في شرق إنكلترا وتكون قد فقدت أغلب رطوبتها، تتشيع بالرطوبة مرة أخرى من بحرالشمال، فتنزل الأمطار في غرب أوربا أكثر مما تنزل في شرقها. وعندما تصل الرياح إلى جبال الألب العالية ترتفع وتبرد وينزل المطر في سويسرا وإيطاليا أكثر مما ينزل في غرب تركيا وما جاورها. أما في آسيا التي تتسابق نحوها الرياح من المحيط الهادي شرقاً ومن المحيط الأطلنطي غرباً، وترتفع الرياح فوق جبالها العالية، تزداد سرعة الرياح لمتلأ الفراغ الكبير الذي خلفه تصاعد كميات كبيرة من الهواء الساخن، وتهب رياح المنسون التي تغمر البلاد بكميات مهولة من الأمطار في بنغلاديش والفلبين وغيرها، ولذلك تكثر الوفيات من الفياضانات كل عام. ولو بشرَ محمد أهل هذه البلاد بالأمطار لرجموه بالحجارة. أما الجزر المحاطة بالمياه من كل الجهات، مثل آيسلاندا وآيرلندا، فتنزل بها الأمطار على مدار العام. ولأن أمريكا الجنوبية يحيطها المحيط الأطلنطي شرقاً والمحيط الهادي غرباً، وعرضها أقل بكثير من عرض أمريكا الشمالية، تصبح كالجزيرة وتكثر بها الغابات المطرية rain forests. وحتى في الجزيرة العربية نجد أن هطول الأمطار بغرب الجزيرة، حيث تكثر المرتفعات الجبلية، أكثر منه في المناطق الشرقية الصحراوية، ولذلك يصيّف السعوديون في مرتفات الطائف لخضرتها واعتدال طقسها. ولهذا فإن كل صلوات الاستسقاء ما هي إلا مضيعة للوقت فالله لا يقود السحاب حيث يريد، وإنما تقوده قوانين الفيزياء.
ولأن قوانين الفيزياء لا تتغير، نستطيع الآن أن نتنبأ بتوقيت نزول المطر وقوة الرياح وكمية الماء النازل، بأكثر من أسبوع قبل نزولها. فإذا كان الله هو الذي يرسل الرياح بُشرا ويسوق الماء إلى الأرض الميتة، لما استطعنا أن نتنبأ بموعد نزول الأمطار لأن الله يختار الأماكن التي ينزل بها الأمطار رحمةً لعباده المتقين حسب مزاجه. والأرض الميتة، مثل صحارى إفريقيا وأستراليا، إذا نزلت بها الأمطار فهي لا تُخرج من كل الثمرات كما يقول القرآن، بل تخرج حشيشاً تأكله الدواب. هل منكم من رأى شجرة تفاح نبتت في صحارى الجزيرة العربية عندما ينزل المطر شُحاً بها مرة أو مرتين في العام؟ ثم أن الله بعدما يقود السحاب إلى بلدةٍ ماء، نستطيع الآن تفريق ذلك السحاب من فوق البلدة، كما حدث في موسكو عند اجتماع زعماء العالم بها قبل عدة سنوات، وكما حدث في الصين عندما انعقد بها المونديال واستطاع العلماء تفريق السحاب عن مكان حفل الافتتاح.
والبرق ما عاد يخيفنا كما يقول القرآن (هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً) (الرعد 12). ويقول كذلك (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) (الرعد 13). فنحن نفهم الآن ما هو البرق وكيف يمكن أن نحتمي منه. أما الصواعق التي يرسلها الله ليصيب بها من يشاء بدل أن يخسف به الأرض، فقد اخترع لنا بنيامين فرانكلينthe lightening rod في عام 1749 ولم تعد الصواعق تهدم المباني وتقتل الناس كما كانت تفعل عندما كان يرسلها الله بدل الصواريخ.
وإذا تحدثنا عن خلق الجنين في الأرحام، نجد أن القرآن يعطي صورة خاطئة لمراحل تكوين الجنين (قراءة منهجية للإسلام، لكامل النجار، ص 155). ولا يكتفي بذلك، بل يقول لنا (الله يعلم ما تحمل كل أنثى) (الرعد 8). ونحن الآن نستطيع أن نعلم ما تحمل كل أنثى منذ الأسبوع الثاني عشر من الحمل. فالله ليس هو الوحيد الذي يعلم ما في الأرحام. ثم يزيد القرآن ويقول لنا (ونقر في الأرحام ما نشاء) (الحج 5). والأطباء الآن يستطيعون أن يقروا في الأرحام ما يشاءون من ذكر أو انثى.
ويقول لنا القرآن (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء) (آل عمران 6). فإذا كان فعلاً هو الذي يصور الناس في الأرحام، فهو يصور توائم ملتصقين عند الرأس أو البطن، ونحن نستطيع فصلهم، ويصور آلاف الناس في حالة فسيولوجية مزدوجة hermaphrodite وهذا يعني أن المولود يحمل الأعضاء الذكورية والأنثوية في آن واحد وتكون نفسية أغلبهم تميل إلى الأنوثة نسيةً لطبيعتها الهادئة غير المشاكسة. ونحن نستطيع أن نغير هولاء الأشخاص ونجعلهم ذكوراً أو إناثاً كما يختارون. وهو كذلك يصوّر أطفالاً مشوهين، نقوم نحن بإصلاح تشويهاتهم الخلقية، وبذلك نكون قد غيرنا إرادة الله، والقرآن يقول لنا (لا تغيير لخلق الله) (الروم 30).
وحتى النطفة التي يقول القرآن إنها تنزل من بين الصلب والترائب ومنها يُخلق الإنسان، تمكن العلماء في مدينة نيوكاسل في شمال شرق إنكلترا من خلق حيوان منوي في المختبر، وفي السنين القادمة حينما يتمكن العلماء من انتاج هذا الحيوان المنوي بكميات وفيرة، فسوف يصبح خلق الأجنة بدون الحاجة إلى رجل شيئاً اعتيادياً.
يقول القرآن في تمجيد عظمة الله (أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً) (الشورى 50). فالله الذي يتفاخر بأنه يجعل من يشاء عقيماً، قد اضمحلت قوته بفضل تقدم العلم وأصبحنا الآن بواسطة أطفال الأنابيب والحيوانات المنوية المنتجة في المختبرات، والأمومة بالإنابة surrogacy أن نجعل من يخلقه الله عقيماً ينجب من الأطفال ما يشاء.
وبالنسبة للدجاج الذي يتكون جنينه في البيضة بنفس طريقة تكوين جنين الإنسان، أي بالتقاء كروموسومات x أو y مع كروموسوم الأنثى x، ويكون الفروج ذكراً أو أنثى، نستطيع أن نجعل البيضة الملقحة بالكروسومات xy والتي حتماً سوف تنتج فروجاً ذكراً، نستطيع في حوالي عشرة بالمئة منها إذا حفظنا البيضة في درجة حرارة تقل عدة درجات عن حرارة الجسم، ولمدة ثلاثة أيام، أن ننتج فروجاً يحمل الجينات الذكورية ولكنه يبيض كالأنثى (مجلة البي بي سي، فوكص، عدد أكتوبر 2009، ص 66) BBC Focus, science & technology وهذا يثبت أننا يمكن أن نغير ما كان إله السماء قد قرره مسبقاً. وهناك كذلك مجال الاستنساخ الذي مكننا من انتاج حيوان مطابق تماماً لحيوان آخر دون أي لقاء بين ذكر وانثى، وهي نفس الفكرة التي زعمت الأديان أن الله قد خلق بها حواء من ضلع آدم. فالعلماء لا يقلون مقدرةً عن الله في الاستنساخ وخلق حواءات كثيرات من خلية واحدة يأخذونها من جسم الإنسان أو الحيوان.
واعتمد القرآن كلياً على دوران الشمس الظاهري حول الأرض وجعل من هذا الدوران محور الإيمان بوجود الله، فقال لنا على لسان إبراهيم عندما حاور النمرود (إذ قال إبراهيم ربي الذي يُحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن ربي يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذي كفر) (البفرة 258). ونفهم من هذه الآية أن إبراهيم قد اقتنع أن الملك يستطيع أن يُحيي ويُميت، ولذلك قال له إن ربي يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب. وطبعاً كاتب هذه الآية ما كان يعرف شيئاً عن دوران الكواكب وإلا لما قالها. فنحن نعرف الآن أن الشخص إذا وقف بمركبة فضائية فوق كوكب عطارد Mercury أربعة أيام قبل ال perihelion وهو الزمن الذي تتساوى فيه سرعة دوران الكوكب حول نفسه مع سرعة دورانه حول الشمس، فسوف يرى الشمس تشرق من مكان ما وترتفع إلى منتصف السماء ثم تعود أدراجها وتغرب من حيث أشرقت، وهذا يعني أن في النصف الثاني من اليوم فأن الشمس تأتي من المغرب. وهناك على الأقل كوكب واحد يمكن أن تأتي فيه الشمس من المغرب، أي من المكان المفترض أن تغرب فيه. http://en.wikipedia.org/wiki/Mercury_(planet) فنحن نعلم الآن أن الشمس يمكن أن تأتي من المغرب ولكن في كوكب آخر. وربما لو أبطأت سرعة دوران الأرض حول نفسها حتى عادلت سرعة دورانها حول الشمس، يحدث نفس الشيء هنا.
ثم يقول لنا القرآن (يا معشر الجن والإنس أن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) الرحمن 33). واتفق كل المفسرين أن هذه الآية أتت للتعجيز. وإذا نظرنا لبنية الآية نفسها نجد بها خطأ علميا ألا وهو أن قطر الدائرة هو الخط الذي يوصل بين نقطتين متقابلتين على محيط الدائرة، وأقطار الأرض هي جهاتها الأربع (شمال، جنوب، شرق، غرب) وبما أن السماء هي الفراغ المحيط بنا، فإن السماء لا قطر لها لأنها غير محدودة المعالم، وليس لها أقطار لأنه لا يوجد بها شمال وجنوب وشرق وغرب. وعلى كلٍ ها نحن قد تحدينا الإعجاز ونفذنا من أقطار الأرض، وما سلطاننا إلا العلم الذي قال لنا القرآن عنه (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا). والإسلاميون يقولون لنا إن السلطان هو العلم، أي أننا نفذنا بسلطان كما قال القرآن. ولكن كلمة سلطان وردت في القرآن ثمان مرات، ولا واحدة منها تعني العلم:
(قالت رسلهم أفي الله شكٌ فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشرٌ مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين) (إبراهيم 10)
(قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشرٌ منكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله) (إبراهيم 11)
(هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه إلهاً لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن) (الكهف 15).
(وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين) (الذاريات 38).
ففي جميع هذه الآيات يتضح لنا أن السلطان يعني المعجزة، وليس العلم. والله لم يعطنا معجزة نستطيع بواستطها أن ننفذ من أقطار السموات والأرض، إنما نفذنا بمجهود عقول العلماء.
وأخيراً يقول لنا القرآن (إذا مرضتُ فهو يشفينِ) (الشعراء 80). ونحن نعلم الآن أن القرآن والله لا يشفيان أحداً بدليل أن "أحب الخلق إليه، ومن خُلق العالم من أجله" كما يقول شيوخ الإسلام، كان يعاني من داء الشقيقة migraine طوال حياته وكان يعتكف في حجرته أياماً وهو يعاني الصداع والقيء، فلماذا لم يشفه ربه، كما قال. وهاهم شيوخ الإسلام من القرضاوي إلى عائض القرني إلى غيرهم الكثير يشدون الرحال إلى بلاد العلم للعلاج بعد أن ثبت لهم أن ربهم لا يشفيهم حين يمرضون وإنما يشفيهم العلم الحديث.
وبدل أن ينقص الله الأرض من أطرافها كما يقول القرآن، فقد أثبت العلم أنه ينقص ساحة الادعاءات الوهمية حول الله، وقد بدأ قطرها في النقصان، وفي المستقبل القريب سوف تتلاشى كل الدائرة من حوله.
المصدر في الحوار المتمدن
كل الأديان، وخاصة الدين الإسلامي، اتخذت من العوامل الطبيعية التي لم تكن مفهومه للقدماء، وسيلة لإقناعهم بأن إله السماء هو الذي يتحكم في الرياح والأمطار والحياة والموت. وبالغ القرآن في الاعتماد على هذه الظواهر ونسبها كلها لله وجعلها منطقه الوحيد لإقناع الناس بوجوده. ولكن الآن مع تقدم العلم اتضح لنا أن إله السماء غير الموجود، لا يتحكم في الظواهر الطبيعية إنما تتحكم بها قوانين الفيزياء وطبيعة كوكب الأرض.
اعتمد القرآن اعتماداً شبه كلي على المطر والسحاب والرياح والماء لإثبات وجود الله، فقال (هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشيء السحاب) (الرعد 12). وقال كذلك (هو الذي يرسل الرياح يُشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحاباً ثقالاً سقناه لبلد ميتٍ فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات) (الأعراف 57). واستعمل القرآن تلك الكلمات ست وثلاثين مرة، في ثلاثين سورة، كلها مكية ماعدا خمس سور مدنية. ونلاحظ هنا أن محمداًعندما كان ضعيفاً في مكة حاول إقناع الناس برسالته بمنطق السحاب والماء الذي كان يفتقده أهل مكة.
ونحن نعرف الآن أن الهواء عندما يسخن وتزداد حرارته من أشعة الشمس، يتمدد وبالتالي يصبح أخف وزناً ويصعد إلى أعلى فيأتي الهواء من المناطق الباردة ليحل مكانه. ولما كانت الأرض تدور حول محمورها من الغرب إلى الشرق، فإن أغلب الرياح تأتي في أغلب الأوقات من الغرب باتجاه الشرق لأن دوران الأرض يسحبها في ذلك الاتجاه. ولكن في القارات الكبيرة مثل آسيا، عندما يعصد الهواء الساخن تأتي الريح مندفعة من الغرب والشرق لتملأ الفراغ الكبير الذي تركه الهواء الصاعد بكميات كبيرة.
ولأن الرياح غالباً تأتي من الغرب وتصطدم بسلسة الجبال التي أغلبها في الجانب الغربي من القارات، ترتفع الرياح والسحاب المشبع بالرطوبة فوق الجبال. وكلما ارتفع أكثر كلما برد وانكمش وتساقطت الرطوبة التي يحملها في شكل أمطار. ولذلك نجد الأمطار في غرب الولايات المتحدة أكثر منها في شرقها. وفي إنكلترا واسكتلندا كذلك نجد أن الرياح ترتفع فوق المرتفات الغربية وتهطل الأمطار بكثرة في غرب البلدين. وعندما تصل الرياح الغربية إلى بحر الشمال في شرق إنكلترا وتكون قد فقدت أغلب رطوبتها، تتشيع بالرطوبة مرة أخرى من بحرالشمال، فتنزل الأمطار في غرب أوربا أكثر مما تنزل في شرقها. وعندما تصل الرياح إلى جبال الألب العالية ترتفع وتبرد وينزل المطر في سويسرا وإيطاليا أكثر مما ينزل في غرب تركيا وما جاورها. أما في آسيا التي تتسابق نحوها الرياح من المحيط الهادي شرقاً ومن المحيط الأطلنطي غرباً، وترتفع الرياح فوق جبالها العالية، تزداد سرعة الرياح لمتلأ الفراغ الكبير الذي خلفه تصاعد كميات كبيرة من الهواء الساخن، وتهب رياح المنسون التي تغمر البلاد بكميات مهولة من الأمطار في بنغلاديش والفلبين وغيرها، ولذلك تكثر الوفيات من الفياضانات كل عام. ولو بشرَ محمد أهل هذه البلاد بالأمطار لرجموه بالحجارة. أما الجزر المحاطة بالمياه من كل الجهات، مثل آيسلاندا وآيرلندا، فتنزل بها الأمطار على مدار العام. ولأن أمريكا الجنوبية يحيطها المحيط الأطلنطي شرقاً والمحيط الهادي غرباً، وعرضها أقل بكثير من عرض أمريكا الشمالية، تصبح كالجزيرة وتكثر بها الغابات المطرية rain forests. وحتى في الجزيرة العربية نجد أن هطول الأمطار بغرب الجزيرة، حيث تكثر المرتفعات الجبلية، أكثر منه في المناطق الشرقية الصحراوية، ولذلك يصيّف السعوديون في مرتفات الطائف لخضرتها واعتدال طقسها. ولهذا فإن كل صلوات الاستسقاء ما هي إلا مضيعة للوقت فالله لا يقود السحاب حيث يريد، وإنما تقوده قوانين الفيزياء.
ولأن قوانين الفيزياء لا تتغير، نستطيع الآن أن نتنبأ بتوقيت نزول المطر وقوة الرياح وكمية الماء النازل، بأكثر من أسبوع قبل نزولها. فإذا كان الله هو الذي يرسل الرياح بُشرا ويسوق الماء إلى الأرض الميتة، لما استطعنا أن نتنبأ بموعد نزول الأمطار لأن الله يختار الأماكن التي ينزل بها الأمطار رحمةً لعباده المتقين حسب مزاجه. والأرض الميتة، مثل صحارى إفريقيا وأستراليا، إذا نزلت بها الأمطار فهي لا تُخرج من كل الثمرات كما يقول القرآن، بل تخرج حشيشاً تأكله الدواب. هل منكم من رأى شجرة تفاح نبتت في صحارى الجزيرة العربية عندما ينزل المطر شُحاً بها مرة أو مرتين في العام؟ ثم أن الله بعدما يقود السحاب إلى بلدةٍ ماء، نستطيع الآن تفريق ذلك السحاب من فوق البلدة، كما حدث في موسكو عند اجتماع زعماء العالم بها قبل عدة سنوات، وكما حدث في الصين عندما انعقد بها المونديال واستطاع العلماء تفريق السحاب عن مكان حفل الافتتاح.
والبرق ما عاد يخيفنا كما يقول القرآن (هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً) (الرعد 12). ويقول كذلك (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) (الرعد 13). فنحن نفهم الآن ما هو البرق وكيف يمكن أن نحتمي منه. أما الصواعق التي يرسلها الله ليصيب بها من يشاء بدل أن يخسف به الأرض، فقد اخترع لنا بنيامين فرانكلينthe lightening rod في عام 1749 ولم تعد الصواعق تهدم المباني وتقتل الناس كما كانت تفعل عندما كان يرسلها الله بدل الصواريخ.
وإذا تحدثنا عن خلق الجنين في الأرحام، نجد أن القرآن يعطي صورة خاطئة لمراحل تكوين الجنين (قراءة منهجية للإسلام، لكامل النجار، ص 155). ولا يكتفي بذلك، بل يقول لنا (الله يعلم ما تحمل كل أنثى) (الرعد 8). ونحن الآن نستطيع أن نعلم ما تحمل كل أنثى منذ الأسبوع الثاني عشر من الحمل. فالله ليس هو الوحيد الذي يعلم ما في الأرحام. ثم يزيد القرآن ويقول لنا (ونقر في الأرحام ما نشاء) (الحج 5). والأطباء الآن يستطيعون أن يقروا في الأرحام ما يشاءون من ذكر أو انثى.
ويقول لنا القرآن (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء) (آل عمران 6). فإذا كان فعلاً هو الذي يصور الناس في الأرحام، فهو يصور توائم ملتصقين عند الرأس أو البطن، ونحن نستطيع فصلهم، ويصور آلاف الناس في حالة فسيولوجية مزدوجة hermaphrodite وهذا يعني أن المولود يحمل الأعضاء الذكورية والأنثوية في آن واحد وتكون نفسية أغلبهم تميل إلى الأنوثة نسيةً لطبيعتها الهادئة غير المشاكسة. ونحن نستطيع أن نغير هولاء الأشخاص ونجعلهم ذكوراً أو إناثاً كما يختارون. وهو كذلك يصوّر أطفالاً مشوهين، نقوم نحن بإصلاح تشويهاتهم الخلقية، وبذلك نكون قد غيرنا إرادة الله، والقرآن يقول لنا (لا تغيير لخلق الله) (الروم 30).
وحتى النطفة التي يقول القرآن إنها تنزل من بين الصلب والترائب ومنها يُخلق الإنسان، تمكن العلماء في مدينة نيوكاسل في شمال شرق إنكلترا من خلق حيوان منوي في المختبر، وفي السنين القادمة حينما يتمكن العلماء من انتاج هذا الحيوان المنوي بكميات وفيرة، فسوف يصبح خلق الأجنة بدون الحاجة إلى رجل شيئاً اعتيادياً.
يقول القرآن في تمجيد عظمة الله (أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً) (الشورى 50). فالله الذي يتفاخر بأنه يجعل من يشاء عقيماً، قد اضمحلت قوته بفضل تقدم العلم وأصبحنا الآن بواسطة أطفال الأنابيب والحيوانات المنوية المنتجة في المختبرات، والأمومة بالإنابة surrogacy أن نجعل من يخلقه الله عقيماً ينجب من الأطفال ما يشاء.
وبالنسبة للدجاج الذي يتكون جنينه في البيضة بنفس طريقة تكوين جنين الإنسان، أي بالتقاء كروموسومات x أو y مع كروموسوم الأنثى x، ويكون الفروج ذكراً أو أنثى، نستطيع أن نجعل البيضة الملقحة بالكروسومات xy والتي حتماً سوف تنتج فروجاً ذكراً، نستطيع في حوالي عشرة بالمئة منها إذا حفظنا البيضة في درجة حرارة تقل عدة درجات عن حرارة الجسم، ولمدة ثلاثة أيام، أن ننتج فروجاً يحمل الجينات الذكورية ولكنه يبيض كالأنثى (مجلة البي بي سي، فوكص، عدد أكتوبر 2009، ص 66) BBC Focus, science & technology وهذا يثبت أننا يمكن أن نغير ما كان إله السماء قد قرره مسبقاً. وهناك كذلك مجال الاستنساخ الذي مكننا من انتاج حيوان مطابق تماماً لحيوان آخر دون أي لقاء بين ذكر وانثى، وهي نفس الفكرة التي زعمت الأديان أن الله قد خلق بها حواء من ضلع آدم. فالعلماء لا يقلون مقدرةً عن الله في الاستنساخ وخلق حواءات كثيرات من خلية واحدة يأخذونها من جسم الإنسان أو الحيوان.
واعتمد القرآن كلياً على دوران الشمس الظاهري حول الأرض وجعل من هذا الدوران محور الإيمان بوجود الله، فقال لنا على لسان إبراهيم عندما حاور النمرود (إذ قال إبراهيم ربي الذي يُحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن ربي يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذي كفر) (البفرة 258). ونفهم من هذه الآية أن إبراهيم قد اقتنع أن الملك يستطيع أن يُحيي ويُميت، ولذلك قال له إن ربي يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب. وطبعاً كاتب هذه الآية ما كان يعرف شيئاً عن دوران الكواكب وإلا لما قالها. فنحن نعرف الآن أن الشخص إذا وقف بمركبة فضائية فوق كوكب عطارد Mercury أربعة أيام قبل ال perihelion وهو الزمن الذي تتساوى فيه سرعة دوران الكوكب حول نفسه مع سرعة دورانه حول الشمس، فسوف يرى الشمس تشرق من مكان ما وترتفع إلى منتصف السماء ثم تعود أدراجها وتغرب من حيث أشرقت، وهذا يعني أن في النصف الثاني من اليوم فأن الشمس تأتي من المغرب. وهناك على الأقل كوكب واحد يمكن أن تأتي فيه الشمس من المغرب، أي من المكان المفترض أن تغرب فيه. http://en.wikipedia.org/wiki/Mercury_(planet) فنحن نعلم الآن أن الشمس يمكن أن تأتي من المغرب ولكن في كوكب آخر. وربما لو أبطأت سرعة دوران الأرض حول نفسها حتى عادلت سرعة دورانها حول الشمس، يحدث نفس الشيء هنا.
ثم يقول لنا القرآن (يا معشر الجن والإنس أن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) الرحمن 33). واتفق كل المفسرين أن هذه الآية أتت للتعجيز. وإذا نظرنا لبنية الآية نفسها نجد بها خطأ علميا ألا وهو أن قطر الدائرة هو الخط الذي يوصل بين نقطتين متقابلتين على محيط الدائرة، وأقطار الأرض هي جهاتها الأربع (شمال، جنوب، شرق، غرب) وبما أن السماء هي الفراغ المحيط بنا، فإن السماء لا قطر لها لأنها غير محدودة المعالم، وليس لها أقطار لأنه لا يوجد بها شمال وجنوب وشرق وغرب. وعلى كلٍ ها نحن قد تحدينا الإعجاز ونفذنا من أقطار الأرض، وما سلطاننا إلا العلم الذي قال لنا القرآن عنه (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا). والإسلاميون يقولون لنا إن السلطان هو العلم، أي أننا نفذنا بسلطان كما قال القرآن. ولكن كلمة سلطان وردت في القرآن ثمان مرات، ولا واحدة منها تعني العلم:
(قالت رسلهم أفي الله شكٌ فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشرٌ مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين) (إبراهيم 10)
(قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشرٌ منكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله) (إبراهيم 11)
(هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه إلهاً لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن) (الكهف 15).
(وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين) (الذاريات 38).
ففي جميع هذه الآيات يتضح لنا أن السلطان يعني المعجزة، وليس العلم. والله لم يعطنا معجزة نستطيع بواستطها أن ننفذ من أقطار السموات والأرض، إنما نفذنا بمجهود عقول العلماء.
وأخيراً يقول لنا القرآن (إذا مرضتُ فهو يشفينِ) (الشعراء 80). ونحن نعلم الآن أن القرآن والله لا يشفيان أحداً بدليل أن "أحب الخلق إليه، ومن خُلق العالم من أجله" كما يقول شيوخ الإسلام، كان يعاني من داء الشقيقة migraine طوال حياته وكان يعتكف في حجرته أياماً وهو يعاني الصداع والقيء، فلماذا لم يشفه ربه، كما قال. وهاهم شيوخ الإسلام من القرضاوي إلى عائض القرني إلى غيرهم الكثير يشدون الرحال إلى بلاد العلم للعلاج بعد أن ثبت لهم أن ربهم لا يشفيهم حين يمرضون وإنما يشفيهم العلم الحديث.
وبدل أن ينقص الله الأرض من أطرافها كما يقول القرآن، فقد أثبت العلم أنه ينقص ساحة الادعاءات الوهمية حول الله، وقد بدأ قطرها في النقصان، وفي المستقبل القريب سوف تتلاشى كل الدائرة من حوله.