السبت، 26 مايو 2007

التنبؤ النبوي، وتنبؤات دافنتشي ونوستراداموس، أيهما الاعجاز؟

فى السنوات الأخيرة ، صارت ظاهرة [الإعجاز العلمى] واحدة من أوضح الظواهر وأكثرها انتشاراً وشعبية وإثارة للجدل بين الدينيين وبعضهم من ناحية وبين اللادينيين من ناحية أخرى. تكثر أعراض هذه الظاهرة بوضوح عند المسلمين أكثر من غيرهم ، لكن هذا لا يمنع من أنها واضحة عند الكثير من أتباع الأديان الأخرى – كالمسيحية كمثال قوى أيضاً.

المشكلة الأساسية فى مدَّعى ومتبعى الإعجاز العلمى فى الأديان هو تصميمهم الذى لا يقبل الجدل على أن هذه الإعجازات مجال البحث لا يتطرق إليها الباطل أبداً ، متصورين أنه لو تم دحض أحد هذه الإعجازات فإن هذا يعنى دحض الدين ذاته. طبعاً هذه رؤية خاطئة تماماً.



ونجد فى المقابل تمسُّك اللادينيين بأن أى وكل إعجاز علمى مزعوم هو خاطئ ، وقد ظهر لى بوضوح أن كثيراً من الزملاء اللادينيين لا يكاد يرى دينياً يذكر إعجازاً علمياً إلا وقام بتكذيبه أولاً ، ثم البحث بعد ذلك عن أدلة هذا التكذيب.

أنا أعتقد أن الموقفين كليهما خاطئ ويحتاج لتعديل. لكن على كل حال ، ليس هذا هو محور النقاش فى هذه المداخلة.

هنا سأحاول أن أناقش فكرة الإعجاز العلمى فى الأديان بنظرة شمولية خارجية نوعاً ، مع مقارنتها ببعض الظواهر الأخرى التى سأقوم بذكرها هنا ، ثم أنهى الكلام بمحاولة استقراء المعطيات الموجودة والوصول بها إلى نتيجة قد تكون أرضاً محايدة يقف عليها الدينيون واللادينيون فى نقاشاتهم حول هذا الموضوع.

* * *


أبدأ النقاش بتساؤل بسيط ، أعتقد أن الإجابة عليه لن تكون محل اختلاف بيننا. والسؤال هو:

- لو كنتُ قادراً على رؤية المستقبل بشكل أو بآخر ، ومن خلال ذلك نقلتُ بدقة ما أراه من اكتشافات واختراعات وغير ذلك إلى الزمن الذى أعيش فيه الآن ، هل سيعتبر كلامى هذا إعجازاً علمياً فى زمنى وفى الأزمنة التالية له أم لا؟

أتمنى أن يقوم كل منَّا بالتفكير فى هذا السؤال للحظة أو اثنتين قبل الاستمرار فى القراءة ، مع الوضع فى الاعتبار أنى أعرف جيداً أن السؤال غير علمى فى المقام الأول ، إذ أنه يتعامل مع مسألة خيالية – أو على الأقل – غير علمية ، وهى (رؤية المستقبل).

أعتقد أنه والحال كهذا ، لا يوجد اعتراض حقيقى على كون إجابة هذا السؤال ستكون (نعم). أما لو كانت الإجابة (لا) ، فسأكون ممتناً لو عرفتُ كيف وصل القارئ لهذه الإجابة بشكل عقلانى وغير تعسفى ، ودون محاولة للعب على الألفاظ.

حسن .. الآن وقد طرحنا هذا السؤال ، سأتكلم قليلاً عن بعض الشخصيات المثيرة للتساؤل فى عصرنا الحالى ...

* * *


ليوناردو دا فنشى – Leonardo Da Vinci


طبعاً الاسم لا يخفى على أحد .. (ليوناردو دافنشى) .. واحد من أعظم فنانى عصر النهضة وأكثرهم ابتكاراً وشهرة .. لوحاته تعتبر أشهر اللوحات فى العالم ، حتى لمن لا يعرف شيئاً عن الفن ، فعلى سبيل المثال (الموناليزا) و (العشاء الأخير للمسيح) هما لوحتان من لوحاته.

لكن ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أن (دافنشى) كان ...

1. عالم فلك
2. نحات ومثَّال
3. جيولوجى
4. خبير رياضيات
5. عالم نبات
6. خبير بعلم التصرفات الاجتماعية الحيوانية -- animal behaviorist
7. مخترع
8. مهندس
9. معمارى
10. موسيقى
11. خبير تشريح
12. خبير ميكانيكا
13. فيلسوف
14. عالم بصريات

لا شك أن شخصاً برع فى كل هذه الأشياء مجتمعة كان له تأثير جبار على الناس من حوله. هذا أمر طبيعى ومتوقع فى أى بيئة يوجد فيها فرد يمتاز امتيازاً فذاً عن غيره. لكن لو اقتصر الأمر على ذلك ، لقلنا "لا مشكلة .. العباقرة موجودون بغزارة و (دافنشى) كان أحدهم" .. لكن الحقيقة أن الأمر لا يقتصر على ذلك ...

الكثير من مخطوطات (دافنشى) كان ترمز لأشياء يصعب جداً جداً أن تخطر ببال أحد معاصرى هذه الفترة .. نلاحظ أن الرجل ولد فى عام 1452 ومات فى عام 1519.

من أمثلة هذه المخطوطات:

1. الباراشوت:

أول محاولة ناجحة مسجلة للقفز بالباراشوت تمت فى عام 1783 فى (فرنسا)

2. الهليكوبتر:

أول هليكوبتر صممت بحيث تحمل شخصاً على متنها تم صنعها عام 1907

3. الدبابة أو المدرعة:


أول استخدام للمدرعات كان فى الحرب العالمية الأولى عام 1917 ، فى مدينة (كامبرى) بـ (فرنسا)


4. معدات الهبوط:

أول طائرة تم تصميمها بمعدات هبوط قابلة للطي والثني صُنِعت عام 1933


5. خزانات الأكسجين المضغوط:
تصميم معدات الغوص - ليوناردو دافنتشي
Source: http://www.bl.uk/onlinegallery/features/leonardo/diving.html

(جاك إيفس كوستو) و (إميلى جانجون) قاما باختراع أول بذلة غوص متكاملة عام 1943


مخطوطات الرجل كانت تصف مفاهيم وأفكار لا يمكن أن تخطر ببال شخص عاش فى أواخر القرن الخامس عشر ، بل إن معظمها لم يبدأ فى الظهور قبل القرن العشرين. لكن لحظة .. ما معنى هذا بالضبط؟!! هناك مناقشة حول ما إذا كان (ليوناردو دافنشى) مسافراً عبر الزمن!!!!
بالطبع انا لاادعي ذلك، ولكن فقط أشير الى أن هناك الكثيرون قد ذهبوا بتفكيرهم إلى هذا الحد ، عندما عجزوا عن تفسير كيف يمكن لشخص مات من 500 سنة تقريباً أن يعرف أشياء لم يعرفها العالم كله قبل أيامنا هذه. لكن قد يتساءل أحدنا ، لماذا تبدو مخطوطات (دافنشى) أقرب لتصورات بدائية جداً عن اختراعاتنا الحديثة؟ لو كان الرجل قادماً من المستقبل فعلاً ، لماذا لم يرسم صوراً واضحة تمثل ما نراه نحن حالياً؟

طبعاً الجواب بسيط جداً . حتى لو كان الرجل من المستقبل فعلاً – أو يستطيع رؤية المستقبل بوسيلة ما – فهو لا يستطيع أن يرسم الشكل الحقيقى للاختراعات التى يراها لأنها لن تمثِّل أى معنى أو منطق أو هدف بالنسبة لمعاصريه. بمعنى أنه فنياً ، لن يرى فيها أحد أى فن ، وعملياً ، لن يفهم أحد ما هذه الأشياء ، وعلمياً ، التقنيات المتوافرة فى ذلك الوقت لم تكن تسمح بمجرد الحلم بصنع هذه الأشياء ، ناهيك عن فهم ميكانيكية وديناميكية عملها.

لكن (دافنشى) لم يترك هذه النقطة دون إرشاد أيضاً ، بل خطَّ كمية هائلة من الأدوات الأساسية فى صناعة الآلات ، بما يتناسب مع المستوى العلمى لعصره ، كالروافع الهيدروليكية ، والتروس المترابطة ، والمسامير ، وأجنحة الطائرات ، ومعدات الطفو ، بحيث ان الامر يثير الدهشة حقا، إذ انه وحسب المثل القائل الحاجة ام الاختراع لم يكن هناك ماشير الى وجود حاجة في عصر دافنشي ادت الى إضطراره للتفكير بهذه الاختراعات. لااحد يعرف مالدافع الذي حفز خياله الخصب




هناك الكثير مما يمكن أن يضاف عند الكلام عند (ليوناردو دافنشى) ، لكنى أخشى أنى قد أطلت أكثر من اللازم بالفعل ، ولم ينته هذا البحث بعد. لذلك ، دعونا نترك (دافنشى) ومن يعتقدون أنه من المستقبل بعض الوقت لنتكلم عن رجل آخر ، لم يضاهيه فى شهرته فى عوالم الماورائيات أو الـ metaphysics إلا أشخاص معدودين.

هذا الرجل هو ...

نوستراداموس – Nostradamus
أشهر عرَّاف فى التاريخ

(نوستراداموس) هو منجِّم فرنسى عاش من 1503 إلى 1566. ترك والداه الديانة اليهودية إلى الديانة المسيحية بسبب ضغط محاكم التفتيش وهو فى التاسعة من عمره.

تذكر لنا الروايات أن موهبة (نوستراداموس) التنبؤية كانت قد بدأت تظهر بوضوح فى تلك الفترة ، عندما رأى فى (إيطاليا) راهباً شاباً يعمل برعى الخنازير فى الطريق ، وما إن اقترب منه حتى خرَّ (نوستراداموس) على ركبتيه أمامه قائلاً: قداستك! ... (فيليس بيريت) ، الراهب الشاب راعى الخنازير ، صار قداسة البابا (سيكستوس الخامس) عام 1865 ... بعد قرابة العشرين عاماً على موت (نوستراداموس) نفسه!

كلام كثير دار حول (نوستراداموس) – مثله مثل (دافنشى) وغيرهما – حول تنبؤاته العجيبة ، بل إن العديدين يعتقدون أنه نبى. قبل أن يموت ، كان (نوستراداموس) قد انتهى من كتابة 942 نبوءة على هيئة رباعيات ، تم جمعها فى كتاب اسمه (القرون)!

الكثير من هذه النبوءات تحقق فعلاً ، وبعضها يتعلق بأحداث شديدة الأهمية فى التاريخ ... على الأقل ، هذا ما يدَّعيه المؤمنون بـ (نوستراداموس).

لماذا أقول "يدَّعون"؟ ببساطة ، لأن (القرون) مكتوب بطريقة هى لسجع الكهان أقرب ، ويبدو أن هذه هى العادة التى يستحيل مخالفتها بالنسبة لأى كتاب يزعم كاتبه أن به إشارات مستقبلية وتنبوءية.

عموماً ، دعونا نأخذ بعض الأمثلة ونحكم بأنفسنا ...

مثال 1: اغتيال (جون و روبرت ف. كينيدى – J. and R. F. Kennedy):

اقتباس:
الرجل العظيم سيُطرَح أرضاً خلال النهار بصاعقة رعد ..
فِعلَة شر ، أخبر بها حامل العريضة ..
وطبقاً للنبوءة ، آخر يقع خلال الليل ..
وينشب خلاف فى (ريمس) و (لندن) .. ويعم الوباء (توسكانى) ..


لا يخفى على الكثيرين أن اغتيال الرئيس الأمريكى السابق (جون ف. كينيدى) تم فى وضح النهار فى (دالاس) بولاية (تكساس) يوم الثانى والعشرين من نوفمبر عام 1963.

لكن الذى لا يعرفه الكثيرون هو أن أخوه (روبرت ف. كينيدى) اغتيل هو الآخر فى الخامس من يونيو 1968 ، فى الساعات المبكرة جداً من الفجر.

قبل الاغتيالات ، كان العديد من رسائل التهديد بالقتل تصل لكلٍ من الأخوين ، وبالطبع كان الشخص المسؤول عن إيصال هذه الرسائل هو من يتولى إخبار الأخوين بأنهما مهددين بالقتل.

ولا داعى لذكر التأثير الذى أحدثته حادثتا الاغتيال والاضطرابات التى حدثت فى (أوروبا) نتيجة لهما ... من باب العلم بالشئ ، (ريمس) فى (فرنسا) ، (لندن) فى (بريطانيا) ، (توسكانى) فى (إيطاليا).

والآن ، هل يمكن لنا أن نقول أن (نوستراداموس) قد تنبأ بحادثتى الاغتيال؟ هذا يتوقف .... إلى أى درجة نحن مستعدون للى عنق النص؟ وإلى أى حد نحن نؤمن أن (نوستراداموس) لابد وأن يكون صادقاً؟

عموماً ، نحكم بعد مثال آخر ...


مثال 2: (هتلر):

اقتباس:
وحوش ، أصابها الجوع بالسعار ، تعبر النهر ..
ضد (هستر Hister) ، يكون أغلب أرض المعركة ..
يسحب هو القائدَ فى قفص من حديد ..
عندما لا يراعى ابن (ألمانيا) أى قانون ..


ملحوظة: معظم النسخ الإنجليزية تكتب هذه الرباعية مستخدمة اسم (هتلر) ، لكن هنا الترجمة مباشرة من النص الفرنسى الأصلى.

صعب جداً أن نقول أن (هستر) ليس المقصود بها (هتلر) هنا ، عندما نضع فى اعتبارنا الإشارة إلى (ابن ألمانيا) فى سياق الكلام. وليست هذه أول مرة يبدل فيها (نوستراداموس) أماكن الحروف فى (القرون) عموماً ، بل يبدو أنها سر من أسرار المهنة.

أما باقى النبوءة فواضح لمن يعرف القليل عن الحرب العالمية الثانية.

نأتى الآن للمثال الأخير. أحببت أن أترك هذا المثال للنهاية لأنه يحتوى على كمية تنبؤات مستقبلية وإعجازات عددية وتنوعات لفظية مثيرة للانتباه ، كما أنه يعطى صورة واضحة تماماً لأى مدى يمكن أن يذهب المؤمنون بشئ ما...


مثال 3: خطأ (إنتل) التقنى – Intel’s bug:

اقتباس:

قريباً من البوابات ، وبداخل مدينتين ..
يكون خطأين لا يراهما أحد من VN TEL ..
مجاعة .. طاعون بالداخل من حديد .. يلقيه الناس خارجاً ..
اصرخوا ضراعة للإله الخالد العظيم ..



أ) اسم Intel:

يذكر (نوستراداموس) فى النبوءة مصطلح (vn tel) ، وهو مصطلح فرنسى قديم بمعنى "مثلاً" أو "مثل" أو "شخص ما" .. لكن الملاحظ أن هذا المصطلح لم يستخدم غير مرة واحدة فقط فى كتاب (القرون) كله ، مما يوحى أنها مرة أخرى إحدى ألعاب (نوستراداموس) بالحروف ..

ثم لا ننسَ أن V الرومانية هى الرقم 5 العربى .. هل يرن هذا أى أجراس؟ مثلاً المعالج 586 – الذى أصيب بالخطأ التقنى – أو 5 مدخلات fnord ناقصة فى جدول البحث – وهى المشكلة التى سببت الخطأ أساساً ....

ب) تكرارات كلمة (بالداخل):

فى هذه الرباعية ، تظهر كلمة (بالداخل – بالفرنسية dedans) مرتين ، وهذا مثير للانتباه عندما نعرف أنها ذكرت 24 مرة فقط فى الكتاب كله. بالتأكيد لهذا معنى ما ... بالفعل ، فكلمة (بالداخل) تعنى بالإنجليزية Inside ، وهى كلمة من كلمتين اثنتين هما شعار شركة Intel:___ “Intel Inside”!!!

بل إن الرقم 24 نفسه له معنى ، فهو متوسط الوقت بين أخطاء القسمة (محسوبة بالأيام) للاستخدام الطبيعى لقواعد البيانات استناداً لتحليل شركة IBM!!!!!

جـ) البوابات و (بيل جايتس -- Bill Gates):

هناك جدل دائر حول ما إذا كانت كلمة (البوابات) فى النبوءة تشير إلى (بيل جايتس) صاحب شركة (مايكروسوفت) - حيث Gates تعنى بوابات - أم تشير إلى البوابات المنطقية الموجودة فى المعالج المركزى للكمبيوتر. كما ترون ، الاحتمالية متساوية.

د) المدينتان:

المدينتان هنا قد تشيران إلى شركتين عملاقتين ، أى مايكروسوفت وإنتل. فإنتل كانت السبب فى الخطأ التقنى بالمعالج ، بينما مايكروسوفت تسببت فى خطأ الحساب البرمجى (2.01 - 2.00 = 0 !)

الاحتمال الثانى أن المدينتين هنا إشارة لشكل أقسام المعالج تحت الميكروسكوب ، حيث تظهر الدوائر الإلكترونية بشكل مدن منظمة ومتجاورة. وطبقاً لهذا الاحتمال ، فهناك خطأ تقنى آخر ستتسبب فيه شركة إنتل.

هـ ) يكون خطأين:

طبعاً الكلام هنا عن الخطأ FDIV والخطأ الثانى الذى لم يكتشفه أحد بعد.

و) مجاعة:

هذه إشارة إلى جشع إنتل الذى جعلها تتستر على أخبار الخطأ التقنى الأول ، وقد يكون إشارة للإفلاس الذى ستتعرض له الشركة عندما يظهر الخطأ الثانى.

ز) طاعون بالداخل:

فى الغالب هى نسخة (نوستراداموس) لشعار "إنتل بالداخل".

حـ) من حديد:

هذا معناه أن الخطأين ينتميان لفئة الأخطاء العتادية ، أى التى تصيب الأجهزة الصلبة بالكمبيوتر ، وليس الأخطاء البرمجية والتى هى أكثر انتشاراً.

ط) يلقيه الناس خارجاً:

عندما يرمى الناس بمعالجات إنتل خارج أجهزتهم ويستبدلونها بأخرى.

ى) اصرخوا ضراعة للإله الخالد العظيم:

فى الغالب ، الإشارة هنا هى للقانون. أليس القانون موجود فى كل مكان وزمان على اختلاف أشكاله وآلياته؟ أليس له سلطة مطلقة على المحكومين به؟ أليس هو من يستعان به فى المظالم؟ إذن فهذه نصيحة من (نوستراداموس) كى نقوم بمقاضاة إنتل عندما يظهر الخطأ الثانى.

بالإضافة إلى ذلك كله ، رقم هذه الرباعية هو (2 - 6) ... على أرجح الأقوال هذا هو التاريخ الذى ستكتشف فيه إنتل خطأها الثانى ، أى الثانى من يونيو!


* * *


والآن ، وقد انتهينا أخيراً من كل هذه المهاترات والألعاب البهلوانية بالكلمات والتنبؤات والاحتمالات وكل ما ينتهى بـ (ات) ، ماذا نستنتج من هذا كله؟؟

أرى أن الشئ الوحيد الذى نستطيع أن نقوله بثقة تامة هو أن كل ما سبق ذكره هى ظواهر وحوادث لا يمكن تفسيرها. بعضها خاطئ بالتأكيد ، لكن بعضها صحيح أيضاً ، وهذا الصحيح ليس عندنا أى تفسير علمى له فى الوقت الحاضر. لكن أليس هذا هو نفسه الحال مع الإعجازات العلمية والتنبؤية فى الأديان؟
- لو كنتُ قادراً على رؤية المستقبل بشكل أو بآخر ، ومن خلال ذلك نقلتُ بدقة ما أراه من اكتشافات واختراعات وغير ذلك إلى الزمن الذى أعيش فيه الآن ، هل سيعتبر كلامى هذا إعجازاً علمياً فى زمنى وفى الأزمنة التالية له أم لا؟

لولا أن (نوستراداموس) ركز كل تنبؤاته على الحروب وأحداث نهاية العالم وأشياء من هذا القبيل ، لوجدنا بالتأكيد ما يمكن لأتباعه أن يسمُّوه [الإعجاز العلمى فى القرون] .. إذن فالحال هنا هو تماماً نفس الحال مع الأديان .. كلاهما نجد فيه ما يصلح كنبوءات وما لا يصلح .. كلاهما نجد فيه ما يجعل النبوءة صحيحة وما لا يجعلها كذلك ..

الفارق هنا هو أن أهل الإعجاز العلمي يزعمون أن ما عندهم هو دلائل إعجازية خارقة لا تقبل أى تفسير آخر ، فى حين أنهم يعارضون تماماً فكرة أن تكون نفس الظواهر ذات قيمة عندما تأتى من خارج نطاق هذه الأديان او عندما تأتي من الاديان الاخرى التي تعارضهم.

إذن ما معنى هذا؟

أعتقد أن معناه هو أن مظاهر الإعجاز العلمى والغيبى فى الأديان - إن وُجِدت - قد تكون شيئاً من اثنين .. إما أن تكون إعجازاً حقيقياً يؤكد صحة هذا الدين طالما الدين نفسه متماسك ، أو أن يكون شيئاً آخر لا نملك له أى تفسير حالياً.

أهل الأديان يقولون أن الإعجاز العلمى والغيبى ليس هو الإعجاز الوحيد فى دينهم ، بل يصرون -اليهود و المسلمون بشكل خاص - أن هناك إعجازات من أنواع أخرى عديدة (بلاغية - عددية - اجتماعية - تشريعية - إلخ). نقاشنا هذا ركَّز على نقطة الإعجاز العلمى والغيبى ، أما باقى الإدعاءات الإعجازية مجال البحث ، أعتقد أنه يتم نقاشها بشكل موسع فى موضوع منفصل

---
الموضوع نشر في منتدى الملحدين العرب وموقع الذاكرة، وتمت إضافة صور بديلة بعد اختفاء صور الموضوع الأصلي
الكاتب : نيومينوخ

مواضيع ذات علاقة
من أكثر إعجازا أبيقور أم محمد؟
هذه المواضيع لا تمثل بالضرورة رأي ناشرها - أثير العاني

يسمح بإعادة النشر بشرط ذكر الرابط المصدر أو إسم الكاتب