الاثنين، 14 مايو 2007

التدليس اللغوي عند دعاة الاعجاز العلمي


في هذا المقال الصغير....سأتحدث عن بعض الأمثلة البسيطة لغش من أطلق عليهم "الاعجازيون" و هم موضة جديدة من "الشيوخ" الذين صنعتهم أموال النفط يدعون العلم و يعملون بكل الطرق على ربط كل ما توصل اليه الغرب الملحد الكافر بقرانهم....و من أشهرهم طيب الذكر زغلول النجار ....

سأبدأ باية شهيرة روج لها الاعجازيون كثيرا:

{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}....(الأنعام: 125)


حيث يدعي الاعجازيون ان هذه الاية قد اخبرت بالحقيقة العلمية أنه كلما ارتفع الإنسان في السماء انخفض الضغط الجوي وقلّت كمية الأكسجين مما يتسبب في حدوث ضيق في الصدر وصعوبة في التنفس...حيث
أن التغير الهائل في ضغط الجو الذي يحدث عند التصاعد السريع في السماء، يسبب للإنسان ضيقاً في الصدر وحرجاً ...

تعالوا لنرى حقيقة ما تقوله الكلمة محل الادعاء :

(يَـصّـَـعّــَدُ فِي السَّمَاءِ)

هل فعلا تعني الصعود الى اعلى؟

الحقيقة هي ان (يَـصّـَـعّــَدُ فِي) معناها ليس ما يحاول ان يلصقها بها العالم الكبير..... يصعد بتشديد الصاد --ملحقة ب :"في كذا" -- تعني محاولة -على مشقة- في عمل شيء صعب أو مستحيل ...و لك ان تطالع ما تقوله المعاجم في ذلك :


(تَصَعَّدَ) يتصعَّد، ويَصَّعَّد: تَصاعدَ. و- في الشيءِ: مضى فيه على مشقة. وفي التنزيل العزيز:كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ في السَّمَاءِ . و- النَّفَسُ: صَعُبَ مَخْرَجُهُ. و- الشيءُ الرَّجلَ: جَهَده وبلغ منه


فالمراد من الاية هنا هو تشبيه ضيق صدر الكافر نتيجة كفره بضيق الشخص الذي يحاول الصعود في السماء فلا يستطيع لأستحالة هذا (!) ...و لك ان تطالع ما تقوله التفاسير في ذلك

وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ " كَأَنَّمَا يَصَّعَّد فِي السَّمَاء " يَقُول مَثَله كَمَثَلِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَصْعَد إِلَى السَّمَاء. وَقَالَ الْحَكَم بْن أَبَان عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس " كَأَنَّمَا يَصَّعَّد فِي السَّمَاء " يَقُول فَكَمَا لَا يَسْتَطِيع اِبْن آدَم أَنْ يَبْلُغ السَّمَاء فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَطِيع أَنْ يُدْخِل التَّوْحِيد وَالْإِيمَان قَلْبه حَتَّى يُدْخِلهُ اللَّه فِي قَلْبه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ " كَأَنَّمَا يَصَّعَّد فِي السَّمَاء " كَيْفَ يَسْتَطِيع مَنْ جَعَلَ اللَّه صَدْره ضَيِّقًا أَنْ يَكُون مُسْلِمًا. وَقَالَ الْإِمَام أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير : وَهَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِقَلْبِ هَذَا الْكَافِر فِي شِدَّة ضِيقه عَنْ وُصُول الْإِيمَان إِلَيْهِ يَقُول فَمَثَله فِي اِمْتِنَاعه مِنْ قَبُول الْإِيمَان وَضِيقه عَنْ وُصُوله إِلَيْهِ مَثَل اِمْتِنَاعه عَنْ الصُّعُود إِلَى السَّمَاء وَعَجْزه عَنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعه وَطَاقَته وَقَالَ فِي قَوْله " كَذَلِكَ يَجْعَل اللَّه الرِّجْس عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ" يَقُول كَمَا يَجْعَل اللَّه صَدْر مَنْ أَرَادَ إِضْلَاله ضَيِّقًا حَرَجًا كَذَلِكَ يُسَلِّط اللَّه الشَّيْطَان عَلَيْهِ وَعَلَى أَمْثَاله مِمَّنْ أَبَى الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله فَيُغْوِيه وَيَصُدّهُ عَنْ سَبِيل اللَّه وَقَالَ اِبْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : الرِّجْس الشَّيْطَان وَقَالَ مُجَاهِد : الرِّجْس كُلّ مَا لَا خَيْر فِيهِ وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم الرِّجْس الْعَذَاب.


الحقيقة لا اعرف فعلا...هل وصلت جرأة الكذب بالاعجازيين الى درجة التغيير في معنى لغوي لكلمة يمكن لأي شخص التأكد منها من المصادر المتاحة ؟؟؟

كما رأينا فمعنى اللفظ (يَـصّـَـعّــَدُ فِي) كذا , لا علاقة له اطلاقا بالصعود و انما المحاولة على مشقة في عمل شيء مستحيل كما تخبرنا المعاجم و التفاسير معا...

قد يخرج علينا احد المسلمين قائلا ان المفسرين لم يكونوا يعرفوا الحقائق العلمية الحديثة ...و لهؤلاء أقول: نحن لا نتحدث عن فهم المفسرين....نحن نتحدث عن الغش و التدليس الذي يقوم به الاعجازيون مثل "الدكتور" زغلول الفشار في الكذب في ((المعنى اللغوي)) لكلمة و يحرفوها الى معنى اخر تماما لأجل ان يربطوا بينها و بين ظاهرة علمية...فهم المفسرين أو الحقائق المعروفة الان لا تغير معاني كلمات اللغة ! فهذه التفاسير مبنية على الفهم الصحيح للمعنى اللغوي الحقيقي للكلمة الذي أوردته و ليس بسبب الجهل بالحقائق العلمية الحديثة.

يذكرني هذا باية اخرى...قريبة من الموضوع الأول في تحريف معنى كلمةفي اللغة العربية لغرض الصاق ظاهرة علمية باية..حيث يورد الاعجازيون الاية التاية من سورة الذاريات :

(و السماء بنيناها بأيد و انا لموسعون)

حيث يقول الاعجازيون ان هذه الاية اخبرت بحقيقة التوسع الكوني !!!


ذهبت لأرى ما تقوله المعاجم حول المعنى اللغوي لهذه الكلمة "موسع" ((بدون تشديد السين))...

المحيط :

أوْسَعَ يُوسِعُ إِيسَاعاً : ((صار ذا سعه وغِنى ))


"محيط المحيط" :

وأوسع الرجل إيساعًا صار ذا سعةٍ وغنًى. ومنهُ في سورة الذاريات : (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) أي أغنياءُ قادرون.

و يتفق معهم ايضا القاموس المحيط حول هذا المعنى اللغوي :

و قوله (وإنَّا لَمُوسِعُونَ): أغْنياءُ قادِرُونَ

ففي الاية ..يقول الله عن نفسه انه ذو سعة (قدرة) و غنى... و لا علاقة لها اطلاقا بالتوسع الكوني !!

ادعاء اخر في منتهى السذاجة ...وهو الادعاء بأن لفظ "ادنى الأرض" في سورة الروم يعني "اخفض منطقة في الأرض" ...

رغم عدم الحاجة للتأكد من المعنى اللغوي لكلمة "أدنى" حيث ان اي طفل يعرف ان ادنى يعني أقرب و هي عكس أبعد...ذهب كالعادة للتأكد من المعاني في المعاجم المختلفة

القاموس المحيط:

(و دَنا): دُنُوًّا ودَناوَةً قَرُبَ (كأدنَى ودَنَّاه تَدْنِيَةً وأدْناهُ) قَرَّبَه

لسان العرب:

دَنا من الشيء دنُوّاً و دَناوَةً قَرُبَ . وفي حديث الإيمان : ادْنُهْ هو أَمْرٌ بالدُّنُوِّ والقُرْبِ , والهاء فيه للسكت , وجيءَ بها لبيان الحركة . وبينهما دناوة أَي قَرابة . و الدَّناوةُ القَرابة والقُربى . ويقال : ما تَزْدادُ منِّا إلا قُرْباً ودَناوةً ; فرق بين مصدرِ دنا ومصدر دَنُؤَ , فجعل مصدر دَنا دَناوةً ومصدر دَنُؤَ دَناءَةً

فكل المعاجم اتفقت على ان المعنى الوحيد لأدنى هو "أقرب" ..


و لم أسمع في حياتي عن أن ادنى تعني اخفض..أو ارى مرجعا لغويا واحدا يقر بذلك.


و ادعاء اخر لم احتج الى جهد كبير في تفنيده..حيث يدعي الاعجازيون ان الاية التي تقول "و السماء ذات الرجع" تتحدث عن الدورة المائية !!


لنرى ما قيل حول هذه الاية !

قال الرازي في تفسيره للآية: قال الزجاج: الرجع المطر لأنه يجيء ويتكرر، واعلم أن كلام الزجاج وسائر أئمة اللغة صريح في أن الرجع ليس اسماً موضوعاً للمطر بل سُمّي رجعاً على سبيل المجاز ولحسن هذا المجاز وجوه:

أحدها: قال القفال: كأنه من ترجيع الصوت وهو إعادته ووصل الحروف به، فكذا المطر لكونه عائداً مرة بعد أخرى سُمّي رجعاً.

وثانيها: (((أن العرب كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض ثم يرجعه إلى الأرض.)))

وثالثها: أنهم أرادوا التفاؤل فسموه رجعاً ليرجع.

ورابعها: أن المطر يرجع في كل عام

ركزوا معي في ثانيا هذه..

لأنها تهدم ادعاء الاعجاز من اساسه في كون هذه "حقيقة لم تعرف الا في العصر الحديث" ..فهي تؤكد ان العرب كانوا يعرفون حقيقة ان السحاب يحمل بخار الماء من البحار ليعود اليه في صورة امطار...و هذا يوضح لنا كذب الاعجازيين و تدليسهم عندما يصورون العرب قبل الاسلام على انهم كانوا في جهل انسان الكهف بكل جوانب الحياة !!


و أيضا يجب ان نأخذ في الاعتبار التأويلات الاخرى التي تحتملها الاية و المقنعة جدا ايضا..

باختصار....ادعاء اعجاز هذه الاية فاسد من جميع النواحي...

ية اخرى لا يمل الاعجازيون من تكرارها كالببغاوات ايضا:

{أَوَ لَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30].

يدعي هواة الاعجاز أن وجه الإعجاز في الآية القرآنية هو تقريرها بأن نشأة الكون بدأت إثر الانفجار العظيم (و يربطونه بكلمة الفتق) بعد أن كان كتلة واحدة (رتقا)

أولا...لنرى المعنى اللغوي لكلمة رتقا..

جاء في لسان العرب :

رتْقاً: الرَّتْقُ ضدّ الفتْقُ.

وقال ابن سيده: الرَّتْقُ إلحام الفتْقِ وإصلاحه، رتَقَه يرتُقُه ويرتِقُه رتقاً فارتتق أي التَأَم.

اذن..كلمة رتقا تفيد كون السماء و الأرض كتلة واحدة..

اما كلمة فتق:

ففتقناهما: الفتقُ خلاف الرتق، فتقه يفتقُّه فتقاً: -شقه-.

الفتق: -انفلاق- الصبح

و من القاموس المحيط:

(فَتَقَهُ): شَقَّهُ (كَفَتَّقَهُ) فَتَفَتَّقَ وانْفَتَقَ
(ومَفْتَقُ) القَميصِ مَشَقُّهُ

اذن..كلمة الفتق تعني الشق...

و هناك العديد من الروايات التي اوردها المفسرون في المراد بالرتق والفتق ...ومن اغلبها يتضح لنا ان المراد من القول في هذه الاية هو كون السماء و الارض كتلة واحدة ثم تم فتقهما (شقهما) ..و بعض المعاني الاخرى التي تصلح لتأويل الاية :

ول الحسن وقتادة وسعيد بن جبير ورواية عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهم أن المعنى كانتا شيئاً واحداً ملتصقتين ففصل الله بينهما ورفع السماء إلى حيث هي، وأقرّ الأرض، وهذا القول يوجب أن خلق الأرض مقدم على خلق السماء لأنه تعالى لما فصل بينهما ترك الأرض حيث هي وأصعد الأجزاء السماوية، قال كعب: "خلق الله السموات والأرض ملتصقتين ثم خلق ريحاً توسطتهما ففتقهما بها".

قول أبي صالح ومجاهد أن المعنى: كانت السموات مرتفعة فجُعلت سبع سموات وكذلك الأرضون.

قول ابن عباس والحسن وأكثر المفسرين أن السموات والأرض كانتا رتقاً بالاستواء والصلابة، ففتق الله السماء بالمطر والأرض بالنبات والشجر، ونظيره قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}. ورجحوا هذا الوجه على سائر الوجوه بقوله بعد ذلك: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} وذلك لا يليق إلا وللماء تعلق بما تقدم، ولا يكون كذلك إلا إذا كان المراد ما ذكرنا.

قول أبي مسلم الأصفهاني: يجوز أن يراد بالفتق: الإيجاد والإظهار كقوله: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} وكقوله: {قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ}، فأخبر عن الإيجاد بلفظ الفتق، وعن الحال قبل الإيجاد بلفظ الرتق.

قال الطبري في تفسير الآية أيضاً:

"وقوله: "ففتقناهما" يقول: فصدعناهما وفرجناهما ثم اختلف أهل التأويل في معنى وصف الله السموات والأرض بالرتق، وكيف كان الرتق وبأي معنى فتق؟

فقال بعضهم: عنى بذلك أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين ففصل الله بينهما بالهواء وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة

باختصار لهذا كله...."كانتا رتقا ففتقناهما" تفيد كون السماء و الأرض كتلة واحدة أو جسما واحدا ففتقمها (أي قسمها) الله الى قسمين...و يدعي الاعجازيون ان هذا يتفق مع نظرية الانفجار الكبير _التي اقسم انهم لم يقرأوا عنها يوما) في ان الأرض و السماء كان كتلة ثم تم الانفصال بينهما بالانفجار !!!

هل تنتبق هذه الرؤية مع نظرية الانفجار الكبير؟؟

قطعا لا...

لسببين:

أولا : كلمة الفتق تعني لغويا الشقّ لا أرى فيها أي سيرة عن حدوث "انفجار" من قريب أو من بعيد..فالشقّ ليس تفجيرا و لا يوجد ذرة اتصال بين المعنيين...كما رأينا في المعاجم....الشق هو مثل ما يحدث عندما تشق قطعة قماش مثلا...وهذا لا علاقة له بما حدث في --الانفجار--الكبير اطلاقا.

ثانيا : اذا ربطنا لفظ "كانتا رتقا" في الاية بما قبل البيج بانج فهذا أيضا لا علاقة له بما تقوله نظرية الانفجار الكبير اطلاقا, لأن نظرية الانفجار الكبير تنص على عدم وجود أي نوع من المادة أو الكتلة قبل حدوث الانفجار لأن المادة جاءت الى الوجود مع الانفجار نفسه , بل لا يوجد شيء أسمه "قبل البيج بانج" أساسا...هذا قول فاسد , اذ ليس هناك "فترة وقتية " من قبل ال planck time قابلة لتطبيق القوانين الفيزيائية عليها , مفهوم "الفترة الزمنية" قبل حدوث البيج بانج لا معنى له ......فالوقت مرتبط بالمكان و جاء في حيّز الوجود اصطلاحي"متى و أين" للزمان مع ظهور "المكان" الى حيّز الوجود اي مع البيج بانج...و نفس الشيء بالنسبة الى الى المادة أو الكتلة فلم يكن لها وجود الا مع حدوث الانفجار.

أي ليس هناك "رتق" قبل حدوث الانفجار ولا غيره.

و فوق كل هذا...لا اعرف حقيقة كيف يأتي مسلمون يحاولون الاستناد الى البيج بانج لاثبات قرانهم..سؤال: هل ظهور الكون طبقا للبيج بانج تتماشى مع الخلق كما يراه القران و السنة؟ هل خلق جزء من الكون بشكل منفصل في فترة لوحدها (الارض ) ثم عندما تنتهي هذه الفترة يبدأ خلق جزء اخر بشكل منفصل لوحده في يومين (السماء) ثم يعود الى الجزء الاول "ليظبطه" (و الارض بعد ذلك دحاها) في يومين اخرين..هل تستوي هذه الرؤية مع الكوزمولوجي الخاص بالبيج بانج !!!

مثال اخر يتبادر الى ذهني وهو الادعاء بأعجاز الاية التالية من سورة الحديد :

{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحديد: 25).

يدعي الاعجازيون بأن القرآن قال ب"الحقيقة العلمية" أن الحديد أنزل من السماء الى الأرض والدليل قول القرآن "أنزلنا".

و يقولون ان الحديد لم يتكون في المجموعة الشمسية بل جاء اليها من الخارج! و يدعون ان المجموعة الشمسية لم يكن بها ما يكفي من طاقة لظهور عنصر الحديد...

لتفنيد هذا الادعاء..سأتناوله من وجهين:

أولا: هل فعلا الحديد لم يكن من العناصر المكونة لكوكب لأرض ؟؟

حقائق :

1- عنصر الحديد أكثر العناصر انتشارا في الارض ..و يشكل حوالي 35% من العناصر...
http://www.arc.losrios.cc.ca.us/~jacksoh/Yuba/Lecture7.htm
و نفس الشيء في كواكب المجموعة الاخرى حيث ينتشر عنصر الحديد انتشارا كبيرا بها....

..كيف يمكن ان يكون عنصر بهذه الكثرة و الانتشار لم يظهر في الأرض الا عن طريق هبوطه من الخارج عن طريق النيازك ؟؟

2- اللب الداخلي للأرض يحتوي على الحديد
http://www.ldgo.columbia.edu/press_releases/song/basic-facts.html
كيف يستوي هذا مع عدم ظهوره في كوكب الأرض الا عن طريق هبوطه بالنيازك ؟؟

و الحقيقة انني بحثت كثيرا في المراجع العلمية عن هذا الادعاء و لم ار ما يدعمه ابدا..

ثانيا: بغض النظر عن كون الموضوع حقيقة علمية ام لا , تعالوا نبحث الموضوع .. من الناحية اللغوية و الدينية...

يستند الاعجازيون في هذه الاية على كلمة انزلنا بمعنى انها تعني "هبوط" الحديد من الخارج الى الأرض...

و لكن هل تعني ذلك حقا؟ لغويا و سياقيا؟

تعاول نرى مواضع اخرة جائت فيها نفس الكلمة بمعنى الخلق
تقول سورة الزمر الآية 6: وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج

يقول أبن كثير في تفسير الآية : وقوله تعالى "وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج" أي وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية أزواج وهي المذكورة في سورة الأنعام ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين.

هل هبطت الأنعام أيضا على ارضنا من الخارج؟

بدون حتى النظر الى التفسير , فواضح لأي شخص ان الكلمة "أنزلنا" عند اتيانها في الحديث عن نعمة أو شيء مخلوق للأنسان..وهو الشيء المشترك بين الايات الثلاث... تعني "خلقنا" أو "جعلنا"...

اية اخرى جاءت بنفس السياق:

الأعراف 26 "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً"

و بطبيعة الحال تؤكد جميع التفاسير معنى الخلق لكلمة "انزلنا" في هذه الاية ايضا..كما يؤكده منطق أي شخص عاقل...

و بالرجوع الى التفسير حول الاية الاصلية محل الحديث المتحدثة عن الحديد...يتأكد لنا نفس الشيء..

هل هبط اللباس علينا من الخارج أيضا؟

باختصار....قوله "انزلنا" لا تعني الا بكل بساطة: "جعلنا" أو "خلقنا" ...

كل هذه الامثلة من الغش في معاني اللغة و تحريف الكلمات الى معاني مختلفة تماما عن الحقيقة يوضح لنا كم الكذب و التدليس الذي احترفه مرتزقة العلم هؤلاء...الذين اكاد اجزم انهم لا يؤمنون بحرف واحد مما يلوثون به عقول البسطاء من الناس.

متى نفيق من هذه الأوهام و نعلم انفسنا علما حقيقيا يلحقنا بمؤخرة ركب التطور ؟

و لي عودة قريبا في مقال جديد و تفنيدات اخرى لادعاءات جديدة.


الكاتب: Godless
المصدر: شبكة اللادينيين العرب
هذه المواضيع لا تمثل بالضرورة رأي ناشرها - أثير العاني

يسمح بإعادة النشر بشرط ذكر الرابط المصدر أو إسم الكاتب